responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 266

قال: فلما بلغ يزيد شعره قال: وجب حقّ الرجل! فبعث إليه أن اقدم علينا. فلما قدم عليه أكرمه و أحسن مثواه. فقال له دريد يوما: يا أبا النّضر، إني رأيت منكم خصالا لم أرها من أحد من قومكم: إني رأيت أبنيتكم متفرّقة، و نتاج خيلكم قليلا، و سرحكم يجي‌ء معتما، و صبيانكم يتضاغون [1] من غير جوع. قال: أجل! أمّا قلّة نتاجنا فنتاج هوازن يكفينا و أمّا تفرّق أبنيتنا فللغيرة على النساء. و أمّا بكاء صبياننا فإنّا نبدأ بالخيل قبل العيال. و أمّا تمسّينا بالنّعم فإنّ فينا الغرائب و الأرامل، تخرج المرأة إلى مالها حيث لا يراها أحد. قال: و أقبلت طلائعهم على يزيد، فقال شيخ منهم:

أتتك السلامة فارع النّعم‌

و لا تقل الدّهر إلّا نعم‌

و سرّح دريدا بنعمى جشم‌

و إن سالك المرء إحدى القحم [2]

فقال له دريد: من أين جاء هؤلاء؟ فقال: هذه طلائعنا لا نسرح و لا نصطبح حتى يرجعوا إلينا. فقال له: ما ظلمكم من جعلكم جمرة مذحج. و ردّ يزيد عليه الأسارى من قومه و جيرانه، ثم قال له: سلني ما شئت؛ فلم يسأله شيئا إلّا أعطاه إيّاه. فقال دريد في ذلك:

مدحت يزيد بن عبد المدان‌

فأكرم به من فتى ممتدح‌

إذا المدح زان فتى معشر

فإنّ يزيد يزين المدح‌

حللت به دون أصحابه‌

فأورى زنادي لمّا قدح‌

/ و ردّ النساء بأطهارها

و لو كان غير يزيد فضح‌

و فكّ الرجال و كلّ امرئ‌

إذا أصلح اللّه يوما صلح‌

و قلت له بعد عتق النساء

و فكّ الرّجال و ردّ اللّقح [3]

أجر لي فوارس من عامر

فأكرم بنفحته إذا نفح‌

و ما زلت أعرف في وجهه‌

بكرّي السؤال ظهور الفرح‌

رأيت أبا النّضر في مذحج‌

بمنزلة الفجر حين اتّضح‌

إذا قارعوا عنه لم يقرعوا

و إن قدّموه لكبش نطح‌

/ و إن حضر الناس لم يخزهم‌

و إن وازنوه بقرن رجح‌

فذاك فتاها و ذو فضلها

و إن نابح بفخار نبح‌

قصته مع مسهر بن يزيد الحارثي و شعره:

قال و قال ابن الكلبيّ: خرج دريد بن الصّمّة في فوارس من قومه في غزاة له، فلقيه مسهر بن يزيد الحارثيّ، الذي فقأ عين عامر بن الطّفيل، يقود بامرأته أسماء بنت حزن الحارثيّة. فلما رآه القوم قالوا: الغنيمة،


[1] تضاغى من الطوى: تضوّر من الجوع و صاح.

[2] القحم: جمع قحمة و هي الأمر الشاق لا يكاد يركبه أحد.

[3] اللقح: جمع لقحة و هي الناقة الحلوب.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 10  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست