responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 70

و غلبت عليه، ثم ماتت بعد أن أقامت عنده برهة [1] من الزمان و أخذ جواريه أكثر غنائها عنها، فكان لمحبّته إيّاها و أسفه عليها لا يزال يسأل عن أخبار معبد و أين مستقرّه، و يظهر التعصّب له و الميل إليه و التقديم لغنائه على سائر أغاني أهل عصره إلى أن عرف ذلك منه. و بلغ معبدا خبره، فخرج من مكة حتى أتى البصرة، فلمّا وردها صادف الرجل قد خرج عنها في ذلك اليوم إلى الأهواز فاكترى سفينة. و جاء معبد يلتمس سفينة ينحدر فيها إلى الأهواز، فلم يجد غير سفينة الرجل، و ليس يعرف أحد منهما صاحبه، فأمر الرجل الملّاح أن يجلسه معه في مؤخّر السفينة ففعل و انحدروا. فلما صاروا في فم نهر الأبلّة [2]/ تغدّوا و شربوا، و أمر جواريه فغنّين، و معبد ساكت و هو في ثياب السّفر، و عليه فرو و خفّان غليظان و زيّ جاف من/ زيّ أهل الحجاز، إلى أن غنّت إحدى الجواري:

صوت‌

بانت سعاد و أمسى حبلها انصرما

و احتلّت الغور فالأجزاع من إضما [3]

إحدى بليّ و ما هام الفؤاد بها

إلّا السفاه و إلّا ذكرة حلما [4]

- قال حمّاد: و الشعر للنابغة الذّبيانيّ. و الغناء لمعبد، خفيف ثقيل أوّل بالبنصر، و فيه لغيره ألحان قديمة و محدثة- فلم تجد أداءه، فصاح بها معبد: يا جارية، إنّ غناءك هذا ليس بمستقيم. قال: فقال له مولاها و قد غضب: و أنت ما يدريك الغناء ما هو؟ أ لا [5] تمسك و تلزم شأنك! فأمسك. ثم غنّت أصواتا من غناء غيره و هو ساكت لا يتكلّم، حتى غنّت:

صوت‌

بابنة الأزديّ قلبي كئيب‌

مستهام عندها ما ينيب‌

و لقد لاموا فقلت دعوني‌

إنّ من تنهون عنه حبيب‌

إنّما أبلى عظامي و جسمي‌

حبّها و الحبّ شي‌ء عجيب‌


[1] قال ابن السكيت: البرهة بالفتح و الضم: الزمان الطويل، و قال غيره: الزمان مطلقا.

[2] الأبلّة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة. و يقال فيه: الأبلة بفتح الهمزة و الباء (ياقوت).

[3] كذا في ح، ر. و ب، س: «الغور فالأجراع» بالراء المهملة. و في أكثر النسخ الخطية: «الغور و الأجزاع». و «الغور»: المطمئن من الأرض، و «الأجراع»: جمع جرع و هو مفرد أو هو جرعة، و هي الرملة الطيبة المنبت لا وعوثة فيها. و «إضم» بكسر ففتح:

واد بجبل تهامة، و هو الوادي الذي فيه المدينة. و قد ورد هذا البيت في «ديوان النابغة» المطبوع بباريس هكذا:

بانت سعاد و أمسى حبلها انجذما

و احتلت الشّرع فالأجزاع من إضما

و «شرع»: قرية على شرقيّ ذرة مزارع و نخيل على عيون، و واديها يقال له: رخيم. و «الأجزاع»: جمع جزع بالكسر- و قال أبو عبيدة: اللائق به أن يكون مفتوحا-: منعطف الوادي. و في «التاج» مادة «أضم»

و احتلت الشرع فالخبتين من إضما

و الخبت: المتسع من بطون الأرض. (انظر ياقوت و «القاموس» و «شرحه» في هذه المواد).

[4] «بليّ» كغنيّ: اسم قبيلة. و السفاه: الطيش و خفة الحلم. و الذكرة (بالكسر و الضم): نقيض النسيان. و في ت:

إلا السفاه و إلا ذكرها حلما

[5] في ت: «لم لا تمسك الخ».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست