بإطلاق الوتر في مجرى البنصر. و ذكر يونس أنّ لمالك لحنا فيه-
أكلثم فكّي عانيا بك مغرما
و شدّي قوى حبل لنا قد تصرّما
فإن تسعفيه مرّة بنوالكم
فقد طالما لم ينج منك مسلّما
كفى حزنا أن تجمع الدار شملنا
و أمسي قريبا لا أزورك كلثما
و بعده هذه الأبيات
التي مضت.
اتفاق
المغنين على تفضيل لحن ابن سريج «و ليس بتزويق اللسان ... الخ»
أخبرني الحسين
بن يحيى قال قال حمّاد و ذكر الثّقفيّ عن دحمان قال: تذاكرنا و نحن في المسجد أنا
و الرّبيع بن أبي الهيثم الغناء أيّه أحسن، فجعل يقول و أقول فلا نجتمع على شيء.
فقلت: اذهب بنا إلى مالك بن أبي السّمح.
فذهبنا إليه
فوجدناه في المسجد، فقال: ما جاء بكما؟ فأخبرناه. فقال: قد جرى هذا بيني و بين
معبد و قال و قلت، فجاءني معبد يوما و أنا في المسجد و قال: قد جئتك بشيء لا
تردّه. فقلت: و ما هو؟ قال: لحن ابن سريج:
و ليس بتزويق اللسان و صوغه
و لكنّه قد خالط اللحم و الدّما
/ ثم قال لي معبد: أسمعكه؟ قلت: نعم، و أريته
أنّي لم أسمعه قبل، فقال: اسمعه منّي؛ فغنّى فيه و نحن في المسجد، فما سمعت شيئا
قطّ أحسن منه، فافترقنا و قد اجتمعنا عليه.
و قرأت في فصل
لإبراهيم بن المهديّ إلى إسحاق الموصليّ. «و كتبت رقعتي هذه و أنا في غمرة [1] من
الحمّى تصدف [2] عن المفترضات. و لو لا خوفي من تشنيعك و تجنّيك لم يكن فيّ
للإجابة فضل، غير أنّي قد تكلّفت الجواب على ما اللّه به عالم من صعوبة علّتي و ما
أقاسيه من الحرارة الحادثة بي.
و ليس بتزويق اللّسان و صوغه
و لكنّه قد خالط اللّحم و الدّما»
تفضيل غناء
ابن سريج على غناء معبد و مالك بن أبي السمح
و قال إسحاق
حدّثني شيخ من موالي المنصور قال: قدم علينا فتيان من بني أميّة [3] يريدون مكّة،
فسمعوا معبدا و مالكا فأعجبوا بهما، ثم قدموا مكّة فسألوا عن ابن سريج فوجدوه
مريضا، فأتوا صديقا [4] له فسألوه أن يسمعهم غناءه، فخرج معهم حتى دخلوا عليه.
فقالوا: نحن فتيان من قريش، أتيناك مسلّمين عليك، و أحببنا أن نسمع منك. فقال:
أنا/ مريض كما ترون. فقالوا: إنّ الذي نكتفي منك به يسير- و كان ابن سريج أديبا
طاهر الخلق عارفا بأقدار الناس- فقال: يا جارية، هاتي جلبابي [5] و عودي، فأتته
خادمه بخامة [6] فسدلها على وجهه
[6] لم نجد
هذا اللفظ في «كتب اللغة» إلا بمعنى خامة الزرع، و هي أوّل ما ينبت منه على ساق
واحدة أو الطاقة الغضة منه أو الشجرة كذلك. و قال ابن الأعرابي: الخامة: السنبلة.
و الخامة: الفجلة. و ليس من هذه المعاني شيء يناسب السياق. و لعل ذلك كان اصطلاحا
في ذلك العصر على أنها القناع الذي يتقنع به، أو لعله محرّف عن الحملة و هي الثوب
الذي له خمل (هدب). و قد تقدّم