تغنّي ابن
عائشة بشعر عمر في مجلس حسن بن حسن بن عليّ
أخبرني الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أيّوب بن عباية قال:
اجتمع ابن
عائشة و يونس و مالك [2] عند حسن بن حسن بن عليّ- عليهم السّلام- فقال الحسن لابن
عائشة:
غنّني «من
رسولي إلى الثريا ...»؛ فسكت عنه فلم يجبه. فقال له جليس له: أ يقول لك غنّني فلا
تجيبه! فسكت.
فقال له الحسن:
مالك؟ ويحك! أ بك خبال [3]! كان و اللّه ابن أبي عتيق أجود منك بما عنده؛ فإنّه
لمّا سمع هذا الشعر قال لابن أبي ربيعة: أنا رسولك إليها، فمضى نحو الثريّا حتى
أدّى رسالته، و أنت معنا في المجلس تبخل أن تغنّيه [4] لنا! فقال له: لم أذهب حيث
ظننت، إنما كنت أتخيّر لك أيّ الصوتين أغنّي: أقوله:
من رسولي إلى الثريّا فإنّي
ضافني الهمّ و اعترتني الهموم
يعلم اللّه أنّني مستهام
بهواكم و أنّني مرحوم
/ أم قوله:
من رسولي إلى الثريّا فإنّي
ضقت ذرعا بهجرها و الكتاب
فقال له الحسن:
أسأنا بك الظّنّ أبا جعفر، غنّ بهما جميعا، فغنّاهما. فقال له الحسن: لو لا أنّك
تغضب إذا قلنا لك: أحسنت، لقلت لك: أحسنت و اللّه! قال: و لم يزل يردّدهما بقيّة
يومه.
عمر و ابن
أبي عتيق و إنشاده شعره في الثريا
/ أخبرنا
الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني يعقوب بن إسحاق الرّبعيّ عن
أبيه قال:
أنشد عمر بن
أبي ربيعة ابن أبي عتيق قوله:
[1]
أفرخ روعك: سكّن جائشك و أمن. و يقال: ليفرخ روعك، أي ليذهب عنك رعبك و فزعك؛ فإن
الأمر ليس على ما تحاذر. و هو مثل، و أصله لمعاوية كتب به إلى زياد. و ذلك أنه كان
على البصرة، و كان المغيرة بن شعبة على الكوفة فتوفى بها، فخاف زياد أن يولّى
معاوية عبد اللّه بن عامر مكانه، فكتب إلى معاوية يخبره بوفاة المغيرة و يشير عليه
بتولية الضحاك بن قيس مكانه؛ ففطن له معاوية و كتب إليه: قد فهمت كتابك فأفرخ روعك
أبا المغيرة، و قد ضممنا إليك الكوفة مع البصرة. و يقال: ليفرخ فؤادك؛ قال الشاعر:
و قل للفؤاد إن نزا بك نزوة
من الروع أفرخ أكثر الروع باطله
قال
الأزهريّ: كل من لقيته من اللغويين يقول: أفرخ روعه، بفتح الراء، إلا ما أخبرني به
المنذريّ عن أبي الهيثم أنه كان يقول: إنما هو أفرخ روعه بضم الراء. قال: و معناه
خرج الرّوع من قلبه ... و الروع بالضم و هو القلب موضع الروع بالفتح؛ فالرّوع في
الرّوع كالفرخ في البيضة؛ فكما يقال: أفرخت البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها،
يقال: أفرخ فؤاد الرجل إذا خرج روعه منه؛ قال ذو الرمة و قد قلبه لوضوح المعنى:
جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب
قال
الأزهريّ: و الذي قاله أبو الهيثم بيّن غير أني أستوحش منه لانفراده بقوله. و قد
استدرك الخلف على السلف أشياء ربما زلوا فيها، فلا تنكر إصابة أبي الهيثم كان له
حظ من العلم موفر رحمه اللّه.