responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 190

/

من رسولي إلى الثريّا فإنّي‌

ضقت ذرعا بهجرها و الكتاب‌

فقال ابن أبي عتيق: كلّ مملوك لي حرّ إن بلّغها ذاك غيري. فخرج، حتى إذا كان بالمصلّى مرّ بنصيب و هو واقف فقال: يا أبا محجن. قال لبّيك! قال: أ تودع إلى سلمى [1] شيئا؟ قال: نعم. قال: و ما ذاك؟ قال: تقول لها يا ابن الصّدّيق: إنك مررت بي فقلت لي أ تودع إليها شيئا، فقلت:

أ تصبر عن سلمى و أنت صبور

و أنت بحسن العزم منك جدير

و كدت و لم أخلق من الطير إن بدا

سنى بارق نحو الحجاز أطير

قال: فمرّ بسلمى و هي في قرية يقال لها «القسريّة [2]»، فأبلغها الرّسالة، فزفرت زفرة كادت أن تفرّق [3] أضلاعها. فقال ابن أبي عتيق: كلّ مملوك لي حرّ إن لم يكن جوابك أحسن من رسالته، و لو سمعك الآن لنعق و صار غرابا. ثم مضى إلى الثريّا فأبلغ الكتاب. فقالت له: أ ما وجد رسولا أصغر منك! انزل فأرح [4]. فقال: لست/ إذا برسول! و سألها أن ترضى عنه، ففعلت. و قال الزّبير في خبره: فقال لها: أنا رسول ابن أبي ربيعة إليك، و أنشدها الأبيات، و قال لها: خشيت أن تضيع هذه الرسالة. قالت: أدّى اللّه عنك [5] أمانتك. قال: فما جواب ما تجشّمته إليك؟ قالت: تنشده قوله في رملة:

و جلا بردها و قد حسرته [6]

ضوء بدر أضاء للناظرينا

فقال: أعيذك باللّه يا ابنة أخي أن تغلبيني بالمثل السائر. قالت: و ما هو؟ قال: «حريص لا يرى عمله [7]».

قالت: فما تشاء؟ قال: تكتبين إليه بالرضا عنه كتابا يصل على يدي، ففعلت. فأخذ الكتاب و رجع من فوره حتى قدم مكة، فأتى عمر. فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من حيث أرسلتني. قال: و أنّى ذلك؟ قال: من عند الثريّا،


[1] سيأتي في أخبار نصيب ص 364 من هذا الجزء هذا الخبر بنص قريب من هذا و أن اسمها «سعدى»، و أن الشعر

أ تصبر عن سعدى و أنت صبور

البيتين.

[2] في أ، م، ء: «القشيرية» و لم نعثر عليهما في «ياقوت» و «البكري». على أن قسرا بطن من قيس، و قيسا بطن من بجيلة ينسب إليها خالد بن عبد اللّه القسري. و القشيرية: نسبة إلى قشير و هو أبو قبيلة من هوازن، ينسب إليه أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري أحد أئمة الحديث، و صحيحه معروف مشهور.

[3] في ح، ر: «تفرّق بين أضلاعها».

[4] أي فأرح دابتك و أرح نفسك.

[5] في ح، ر، ب، س: «أدّى اللّه عن أمانتك».

[6] ورد هذا الشطر في ت هكذا:

وجلا برد بركة جنديّ‌

فإن كانت هذه الرواية صحيحة فالمراد من البركة نوع من برود اليمن، كما في «شرح القاموس» (مادة «برك»)؛ قال مالك بن الريب:

إنا وجدنا طرد الهوامل‌

بين الرّسيسين و بين عاقل‌

و المشي في البركة و المراجل‌

خيرا من التأنان في المسائل‌

و في «اللسان» مادتي «أنن» و «همل»: «و المسائل». و الجنديّ: نسبة إلى الجند و هو أحد مخاليف اليمن. و في أ، م، ء: «و جلا بردها بركة جندي» و هو تحريف.

[7] قد يراد به ما يراد بالمثل الوارد في الميداني و هو: «الحريص محروم» أو «الحرص قائد الحرمان». يريد أن يقول لها: إنه لا يريد أن يحرم نتيجة عمله كما يحرم الحريص عادة.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست