فقال له: ما
أبقيت شيئا يتمنّى يا أبا الخطّاب إلا مرجلا يسخّن لكم فيه الماء للغسل.
عمرو و أم
محمد بنت مروان بن الحكم
أخبرني ابن
المرزبان قال حدّثني إسماعيل بن جعفر عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:
حجّت أمّ محمد
بنت مروان بن الحكم، فلمّا قضت نسكها أتت عمر بن أبي ربيعة و قد أخفت نفسها [1] في
نسوة، فحدّثها مليّا. فلما انصرفت أتبعها عمر رسولا عرف موضعها و سأل عنها حتى
أثبتها [2]، فعادت إليه بعد ذلك فأخبرها بمعرفته إيّاها.
/ فقالت: نشدتك
[3] اللّه أن تشهّرني بشعرك! و بعثت إليه بألف دينار، فقبلها و ابتاع بها حللا و
طيبا فأهداه إليها، فردّته. فقال لها: و اللّه لئن لم تقبليه لأنهبنّه [4]، فيكون
مشهورا، فقبلته و رحلت. فقال فيها:
الغناء لابن محرز
و لحنه من القدر الأوسط من الثّقيل الأوّل بالخنصر في مجرى الوسطى عن إسحاق، و فيه
أيضا له خفيف ثقيل بالوسطى عن ابن المكّيّ. و فيه لذكاء وجه الرّزّة [6] المعتمديّ
ثقيل أوّل من جيّد الغناء و فاخر الصّنعة ليس لأحد من/ طبقته و أهل صنعته مثله. و
أنشد ابن أبي عتيق قول عمر هذا، فقال: اللّه أرحم بعباده أن يجعل عليهم ما سألته
ليتمّ لك فسقك.
[3] يقال:
نشدتك اللّه و نشدتك باللّه و ناشدتك اللّه أن تفعل كذا، أي سألتك به برفع نشيدي
أي صوتي. و المراد هنا سألتك باللّه ألا تشهرني في شعرك. و قد تحذف «لا» النافية
إذا دل عليها سياق الكلام. و قد حمل على ذلك آيات من القرآن الكريم؛ قال صاحب
«اللسان» (مادة لا): «... عن أبي زيد في قول اللّه عزّ و جلّ:
(يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) قيل في تفسيره مخافة أن تضلوا أو حذار
أن تضلوا. ثم قال: و لو كان: يبين اللّه لكم أن لا تضلوا، لكان صوابا. و منه قوله
تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ
تَزُولا) يريد: أن لا تزولا. و قوله تعالى: (أَنْ تَحْبَطَ
أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) يريد: أن لا تحبط». و قد تحذف «لا»، و
هذا مقيس، فيكون حذفها و ذكرها سواء؛ و ذلك إذا وقعت قبل المضارع في جواب القسم،
فيكون عدم توكيد الفعل دليل حذفها. و من حذفها قوله تعالى: (قالُوا تَاللَّهِ
تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي لا تفتأ؛ و قول الشاعر: