اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 80
بقوله: «و هذا يسميه قوم الاستطراد، و هو حسن جدا»[1] و سماه العسكري الاستطراد و قال في
تعريفه: «هو أن يأخذ المتكلم في معنى فبينا يمر
فيه يأخذ في معنى آخر و قد جعل الأول سببا اليه»[2]، و ذكر أمثلة من القرآن و الشعر و
لا سيما أبيات أبي تمام.
و قال ابن رشيق: «الاستطراد أن يبني الشاعر كلاما كثيرا على
لفظة من غير ذلك النوع يقطع عليها الكلام و هي مراده دون جميع ما تقدم و يعود الى
كلامه الأول و كأنما عثر بتلك اللفظة عن غير قصد و لا اعتقاد نيّة»[3]. و قال: «و هو أن يرى الشاعر أنّه في وصف شي و
هو إنّما يريد غيره فان قطع أو رجع الى ما كان فيه فذلك استطراد و إن تمادى فذلك
خروج، و أكثر الناس يسمي الجميع استطرادا و الصواب ما بينته»[4]. و قال: «من الاستطراد نوع يسمى الادماج[5] كقول عبيد اللّه بن طاهر لعبد
اللّه بن سليمان بن وهب حين وزر للمعتضد:
أبى
الدهر في اسعافنا في نفوسنا
و
أسعفنا فيمن نحبّ و نكرم
فقلت
له: نعماك فيهم أتمّها
ودع
أمرنا إنّ المهمّ المقدّم
و سماه الاستطراد- أيضا- التبريزي و
البغدادي و ابن مالك[6]، و عدّه الصنعاني من أنواع الفصاحة[7].
و ذكر المصري أنّه لم يظفر منه
بشيء في القرآن المجيد إلا في موضع واحد، و هو قوله تعالى:أَلا بُعْداً
لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ[8]، و قال: «فمن ظفر فيه بشيء فهو المحسن بالحاقه في بابه[9]». و قال مثل ذلك ابن مالك
فيما نقله السبكي[10]، قال: «ان الاستطراد قليل في القرآن الكريم و أكثر ما يكون في الشعر و أكثره في
الهجاء، و لم أظفر به إلّا في قوله تعالى:أَلا بُعْداً
لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ. و ذكر العسكري قبله غير هذه الآية كقوله تعالى:وَ مِنْ آياتِهِ
أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ
وَ رَبَتْ[11]، فبينا يدلّ اللّه- سبحانه- على نفسه بانزال الغيث و اهتزاز الارض بعد
خشوعها قال:إِنَّ
الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى،[12] فأخبر عن قدرته على إعادة الموتى
بعد إفنائها و إحيائها بعد إرجائها، و قد جعل ما تقدم من ذكر الغيث و النبات دليلا
عليه و لم يكن في تقدير السامع لأول الكلام، إلا أنّه يريد الدلالة على نفسه بذكر
المطر دون الدلالة على الاعادة فاستوفى المعنيين جميعا»[13]. و قال الزمخشري في قوله تعالى:يا بَنِي آدَمَ قَدْ
أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ
التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ، ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[14]: «و هذه الآية واردة على سبيل
الاستطراد عقيب ذكر بدو السّوءات و خصف الورق عليها إظهارا للمنّة فيما خلق من
اللباس و لما في العري و كشف العورة من المهانة و الفضيحة، و اشعارا بأنّ التستر
باب عظيم من أبواب التقوى»[15]. و قال السيوطي: «و قد خرجت على الاستطراد قوله تعالى:لَنْ يَسْتَنْكِفَ
الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ[16] فانّ أول
الكلام ذكر فيه الرد على النصارى الزاعمين بنوّة