responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 555

الخطاب سمع و هو يقرأها: «إذا كنا عظاما ناخرة» و هي أجود الوجهين في القراءة لأنّ الآيات بالألف ألاتزي أن (ناخرة) مع (الحافرة) و (الساهرة) أشبه بمجي‌ء التنزيل و (الناخرة) و (النخرة) سواء في المعنى بمنزلة (الطامع) و (الطمع) [1]. و قال عن قوله تعالى:

وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [2] «و قد قرأ القرّاء «يسري» بإثبات الياء و «يسر» بحذفها، و حذفها أحبّ اليّ لمشاكلتها رؤوس الآيات و لأنّ العرب قد تحذف الياء و تكتفي بكسر ما قبلها منها» [3]. و قال في قوله تعالى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‌ [4]: «يريد» و ما قلاك» فألقيت الكاف كما يقول: قد اعطيتك و أحسنت، و معناه احسنت اليك، فتكتفي بالكاف الأولى من الأخرى إعادة لأنّ رؤوس الآيات بالياء فاجتمع ذلك فيه» [5].

و معنى ذلك أنّ فواصل الآيات شغلت القدماء و بدأت تدخل دراستها في كتب الإعجاز و البلاغة حينما يتطرقون للسجع لكي ينفوا هذا النوع عن كتاب اللّه الخالد. قال الرماني: «الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني، و الفواصل بلاغة و الأسجاع عيب، و ذلك أنّ الفواصل تابعة للمعاني و أمّا الأسجاع فالمعاني تابعة لها» [6]. و نقل الباقلاني هذا التعريف‌ [7] و نفى السجع عن القرآن الكريم و قال إنّ ما يختص به هو «الفواصل» و لا شركة بينه و بين سائر الكلام و لا تناسب‌ [8]. و سمّيت كذلك ليتجنبوا الاسجاع لأنّ أصله من سجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشي‌ء فيه لفظ هو أصل في صوت الطائر. وردّ ابن سنان كلام الرماني و قال: «و أما الفواصل التي في القرآن فانهم سمّوها فواصل و لم يسمّوها اسجاعا و فرّقوا فقالوا: إنّ السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحمل المعنى عليه، و الفواصل التي تتبع المعاني و لا تكون مقصودة في أنفسها و قال علي بن عيسى الرماني إنّ الفواصل بلاغة و السجع عيب و علل ذلك بما ذكرناه من أنّ السجع تتبعه المعاني و الفواصل تتبع المعاني، و هذا غير صحيح و الذي يجب أن يحرر في ذلك أن يقال: إنّ الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفصول على ما ذكرناه. و الفواصل على ضربين:

ضرب يكون سجعا و هو ما تماثلت حروفه في المقاطع و ضرب لا يكون سجعا و هو ما تقابلت‌ [9] حروفه المقاطع و لم تتماثل. و لا يخلو كل واحد من هذين القسمين- أعني المتماثل و المتقارب- من أن يكون يأتي طوعا سهلا و تابعا للمعاني، و بالضد من ذلك حتى يكون متكلفا يتبعه المعنى فإن كان من القسم الاول فهو المحمود الدالّ على الفصاحة و حسن البيان، و إن كان من الثاني فهو مذموم مرفوض. فأما القرآن فلم يرد فيه إلا ما هو من القسم المحمود لعلوّه في الفصاحة و قد وردت فواصله متماثلة و متقاربة» [10].

و تقسيم الفواصل الى حروف متماثلة و حروف متقاربة من عمل الرماني‌ [11]، و هذا التقسيم يؤدي الى أن تكون الفواصل أشمل من السجع أي أنّها تضم هذا اللون و غيره مما سمي الموازنة، و بذلك تكون الفواصل خاصة بكتاب اللّه و يبقى جزء منها أو ضرب واحد مرتبطا بالسجع الذي يخص كلام العرب.

و قال المصري إنّ مقاطع آي الكتاب العزيز لا تخلو من أن تكون أحد هذه الأقسام الأربعة: التمكين و التصدير و التوشيح و الايغال، ثم قال: «و لهذا تسمى مقاطعه فواصل لا سجعا و لا قوافي لاختصاص القوافي‌


[1] معاني القرآن ج 3 ص 231.

[2] الفجر 4.

[3] معاني القرآن ج 3 ص 260.

[4] الضحى 3.

[5] معاني القرآن ج 3 ص 273.

[6] النكت في اعجاز القرآن ص 89.

[7] إعجاز القرآن ص 409.

[8] اعجاز القرآن ص 86 و ما بعدها.

[9] في هامش الكتاب: «الصواب- ما تقاربت».

[10] سر الفصاحة ص 203.

[11] النكت في اعجاز القرآن ص 89.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 555
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست