اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 553
الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ «1»، و قوله:
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ «2» و قوله:
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ «3» و قوله وَ
كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا «4».
أو أن تكونا متّفقتين خبرا و انشاء معنى
لا لفظا كقوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ
إِلَّا اللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ
الْمَساكِينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «5»، عطف قوله:
قُولُوا على قوله: لا تَعْبُدُونَ لأنّه بمعنى:
لا تعبدوا.
الثالث، أن يكون للجملة الأولى محلّ من
الإعراب و قصد إشراك الجملة الثانية لها في الحكم الاعرابي، و هذا كعطف المفرد على
المفرد لأنّ الجملة لا يكون لها محل من الإعراب حتى تكون واقعة موقع المفرد.
و ينبغي هنا أن تكون مناسبة بين الجملتين
كقوله تعالى:
يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما
يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ
الرَّحِيمُ الْغَفُورُ «6»، و قوله:
وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ
إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «7»، و لذلك عيب على أبي تمام:
لا و الذي هو عالم أنّ
النّوى صبر و أنّ أبا الحسين كريم
إذ لا مناسبة بين كرم أبي الحسين- محمد بن
الهيثم- و مرارة النوى و لا تعلق لأحدهما بالآخر.
و من إشراك الجملة الثانية بالاولى في
الحكم قول المتنبي:
و للسرّ مني موضع لا يناله
نديم و لا يفضي اليه شراب
فجملة «لا يناله نديم» صفة ل «موضع» و
لذلك جاز أن يعطف عليها جملة «و لا يفضي اليه شراب».
و ذكر عبد القاهر لونا من الوصل «8» و هو أن
يؤتى بالجملة فلا تعطف على ما يليها و لكن تعطف على جملة بينها و بين هذه التي
تعطف جملة أو جملتان مثال ذلك قول المتنبي:
تولّوا بغتة فكأنّ
بينا تهيّبني ففاجأني اغتيالا
فكان مسير عيسهم
ذميلا و سير الدمع إثرهم انهمالا
قوله: «فكان مسير عيسهم» معطوف على «تولوا بغتة» دون ما يليه من قوله: «ففاجأني» لأنّا
إن عطفناه على هذا الذي يليه أفسدنا المعنى من حيث أنّه يدخل في معنى «كأن» و ذلك يؤدي الى أن لا يكون «مسير عيسهم» حقيقة و يكون متوهما كما كان تهيب البين كذلك، و هذا أصل
كبير.
و يتصل بالفصل و الوصل اقتران
الجملة الحالية بالواو و عدم اقترانها، و قد ألحقه البلاغيون بهذا المبحث و عقد له
عبد القاهر و الرازي و السكاكي و القزويني[9] فصولا و ألحقوه ببات الفصل و
الوصل.
و لم يتعرض البلاغيّون إلا للجمل
حينما ترتبط أو تنفصل، و إن كان عبد القاهر قد اتخذ من عطف المفردات سبيلا للحديث
عن عطف الجمل[10].
و لعل السبكي كان من أحسن الذين
تعرضوا لهذا المبحث[11]، و إن كان هذا المبحث اكثر التصاقا
بالنحو.