اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 537
الغين
الغرابة:
غرب: بعد، و الغريب: الغامض من الكلام، و
كلمة غريبة و قد غربت «1». قال ابن قيّم الجوزيّة: «الغرابة:
هي أن يكون المعنى مما لم يسبق إليه على
جهة الاستحسان فيقال: ظريف و غريب إذا كان عديم المثال أو قليله. و القرآن العظيم
كله سهل ممتنع ألفاظه سهلة و معانيه نادرة و أسلوبه غريب قد مازجت القلوب عذوبته و
حلت في العيون طلاوته وراق في الاسماع سماعه و استقر في الطباع انطباعه فلهذا لم
يسأم على ترداده و لم تملّه النفوس على دوام إيراده فكل آية منه حسنة المساق و كل
كلمة منه عذبة المذاق و كل معنى منه دقّ ورقّ» «2». و قال: «و
من هذا النوع في أشعار العرب و المخضرمين و المتأخرين كثير لا يحصى، فمن ذلك قول
العرب:
هوى صاحبي ريح الشّمال إذا
جرت و أشفى لقلبي أن تهبّ جنوب
يقولون لو عزّيت قلبك
لارعوى فقلت و هل للعاشقين قلوب
و الغرابة عند ابن قيم الجوزية غير ما ذهب
اليه المتأخرون فهي عنده الندرة و الروعة و قد قرنها بالظرافة و السهولة، أمّا عند
الآخرين فهي مما لا يحسن في فصيح الكلام، و قد اشترطوا لفصاحة المفرد شروطا هي:
خلوصه من تنافر الحروف و الغرابة و مخالفة القياس اللغوي و الكراهة في السمع.
و يريدون بالغرابة «أن تكون الكلمة وحشية
لا يظهر معناها فيحتاج في معرفته الى أن ينفّر عنها في كتب اللغة المبسوطة» «3». و من ذلك
قول عيسى بن عمر و قد سقط عن حماره و اجتمع عليه الناس: «ما لكم تكأكأتم عليّ
كتكأكؤكم على ذي جنّة افرنقعوا عني» أي: اجتمعتم، تنحّوا.
أو يخرج لها وجه بعيد كما في قول العجاج:
«و فاحما و مرسنا مسرّجا» فانّه لم يعرف
ما أراد بقوله: «مسرّجا» حتى اختلف في تخريجه فقيل هو من قولهم للسيوف: «سريجية»
منسوبة الى قين يقال له «سريج» يريد أنّه في الاستواء و الدقة كالسيف السريجيّ»، و
قيل: من السراج، يريد أنّه في البريق كالسراج، و هذا يقرب من قولهم «سرج وجهه» أي:
حسن، و «سرّج اللّه وجهه» أي: بهجه و
حسّنه.
و كان ابن سنان قد قال عن فصاحة اللفظة
المفردة: «أن تكون الكلمة- كما قال أبو عثمان الجاحظ- غير متوعّرة وحشيّة» «4» و ذكر
عبارة عيسى ابن عمر أو أبي علقمة النحوي و بعض الأشعار، كقول أبي تمّام:
لقد طلعت في وجه مصر
بوجهه بلا طائر سعد و لا طائر كهل