و حقّك لارضيت بذا لأني
جعلت و حقّك القسم الجليلا
و البيت الثاني المقصود؛ لأنه أدمج فيه الغزل في العتاب من الفنون، و المبالغة في القسم من البديع.
و قسّمه ابن مالك قسمين:
الأول: يتضمن التصريح بمعنى من فن كفاية عن معنى من فن آخر كقول بعضهم:
أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا
فأسعفنا فيمن نحبّ و نكرم
فقلت له نعماك فيهم أتمّها
ودع أمرنا إنّ المهمّ المقدّم
فأدمج شكوى الزمان في التهنئة.
و قول ابن نباتة السعدي:
و لا بدّ لي من جهلة في وصاله
فمن لي بخلّ أودع الحلم عنده
فأدمج الفخر في الغزل.
الثاني: أن يقصد المتكلم الى نوع من البديع فيجيء في ضمنه بنوع آخر كقول بعض الاندلسيين السابق: «أأرضى أن تصاحبني ...» [1].
و سار المتأخرون على هذا التحديد و التقسيم [2]، و قالوا إنّ الادماج أعمّ من الاستتباع لأنه «تضمين كلام سيق لمعنى معنى آخر» كقول المتنبي:
أقلّب فيه أجفاني كأني
أعدّ بها على الدهر الذنوبا
فانه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر، و الاستتباع هو «المدح بشيء على وجه يستتبع المدح بشيء آخر» كقول المتنبي:
نهبت من الاعمار ما لو حويته
لهنّئت الدنيا بأنك خالد
فانه مدحه ببلوغه النهاية في الشجاعة إذ كثر قتلاه بحيث لو ورث أعمارهم لخلد في الدنيا على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا مهنأة بخلوده.
الارتفاد:
الارتفاد: الكسب، يقال: ارتفد المال اكتسبه [3].
و قد ذكره ابن رشيق في باب «الحشو و فضول الكلام» و قال معلقا على قول الشاعر:
و لو قبلت في حادث الدهر فدية
لقلنا على التحقيق نحن فداؤه
«فقوله- على التحقيق- حشو مليح فيه زيادة فائدة، و من الناس من يسمي هذا النوع من الكلام ارتفادا، و أنشد بعض العلماء قول قيس بن الخطيم:
قضى لها اللّه حين صوّرها الخا
لق أن لا يكنّها سدف
و الاتكاء عنده و الارتفاد هو قول الشاعر «صوّرها الخالق» لان اسم اللّه- تعالى- قد تقدم» [4].
الارتقاء:
هو الانتقال من الأدنى الى الأعلى في الوجه المراد مثل: «لا أبالي بالوزير و لا بالسلطان» [5].
[1] المصباح ص 122- 123.
[2] ينظر حسن التوسل ص 296، نهاية الارب ج 7 ص 164، جوهر الكنز ص 300، الايضاح ص 375 التلخيص ص 383، الطراز ج 3 ص 157، شروح التلخيص ج 4 ص 398، المطول ص 442، الأطول ج 2 ص 218، خزانة الأدب ص 457، معترك ج 1 ص 387، الاتقان ج 2 ص 87، شرح عقود الجمان ص 126، حلية اللب ص 144، أنوار الربيع ج 6 ص 279، نفحات ص 307، التبيان في البيان ص 322، شرح الكافية ص 314.
[3] اللسان (رفد).
[4] العمدة ج 2 ص 71.
[5] حلية اللب ص 171.