responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 525

فما أكثر الإخوان حين تعدّهم و لكنّهم في النائبات قليل‌

و قول الأخر:

بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى و ما أحسن المصطاف و المتربّعا

و «أفعل به» كقوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا «1». و يأتي سماعيا كقولهم: «لله درّه عالما».

و القسم: و يكون بالواو و التاء و الباء كقوله تعالى:

وَ الضُّحى‌. وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‌ «2» و قوله: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا «3»، و مثل قولنا «أقسم باللّه إنّي بري‌ء».

و من صيغ القسم التي تأتي كثيرا «لعمر» كقوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ «4».

و قول الشاعر:

لعمرك ما أدري و إنّي لأوجل على أيّنا تعدو المنيّة أوّل‌

و الرّجاء؛ و هو طلب حصول أمر محبوب قريب الوقوع، و الحرف الموضوع له «لعلّ» كقوله تعالى:

فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى‌ إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ وَكِيلٌ «5».

و قول ذي الرّمة:

لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة من الوجد او يشفي نجيّ البلابل «6»

أما الافعال التي تستعمل في هذا الاسلوب فهي «عسى» كقوله تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ «7»، و قول الشاعر:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب‌

و «حرى» مثل: «حرى محمد أن يقوم».

و «أخلولق» مثل: «اخلولقت السماء أن تمطر».

و تسمّى هذه الثلاثة «أفعال الرجاء».

و صيغ العقود: مثل «بعت» و «اشتريت» و «وهبت» و «قبلت». و هذه أساليب خبرية لكنّها لا يراد بها الاخبار لأنّها لا تحتمل الصدق و الكذب و لذلك لم توضع مع الخبر.

و لا يهتمّ البلاغيون بهذه الأساليب الانشائية لقلة الاغراض المتعلقة بها، و لأنّ معظمها أخبار نقلت من معانيها الاصلية، و أما الانشاء الذي يعنون به فهو الطلبي لما فيه من تفنن في القول و لخروجه عن أغراضه الحقيقية الى أغراض مجازية «8».

الطّيّ و النّشر:

الطيّ، نقيض النشر، طويته طيا و طية «9» الطيّ و النشر هو اللفّ و النشر، و قد سمّاه بذلك الحموي «10»، و لكنّ معظم البلاغيين يسمونه: «اللف و النشر». و كان المبرد من أوائل الذين التفتوا الى هذا النوع و قال: «و العرب تلف الخبرين المختلفين ثم ترمي بتفسيرهما جملة ثقة بأنّ السامع يردّ إلى كل خبره» «11» كقوله تعالى: وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ «12»،


(1) مريم 38.

(2) الضحى 1- 2.

(3) يوسف 91.

(4) الحجر 72.

(5) هود 12.

(6) البلابل: جمع بلبال، و هو الهم.

(7) المائدة 52.

(8) البرهان في وجوه البيان ص 113، مفتاح العلوم ص 79، 145، الايضاح ص 130، التلخيص ص 151، شروح التلخيص ج 2 ص 234، المطول ص 224، الاطول ج 1 ص 231، الروض المريع ص 77، 120، التبيان في البيان ص 130.

(9) اللسان (الطي) و (النشر).

(10) خزانة الادب ص 76.

(11) الكامل ج 1 ص 112.

(12) القصص 73.

معجم المصطلحات البلاغية و تطورها، ص: 526

و كرر الاستشهاد بهذه الآية، و قال معلقا عليها: «علما بأنّ المخاطبين يعرفون وقت السكون و وقت الاكتساب» «1». و قال معلّقا على بيت امرى‌ء القيس:

كأنّ قلوب الطير رطبا و يابسا لدى و كرها العنّاب و الحشف البالي‌

«فهذا مفهوم المعنى فان اعترض معترض فقال: فهّلا فصل فقال: كأنه رطبا العناب و كأنه يابسا الحشف؟

قيل له: العربي الفصيح الفطن اللقن يرمي بالقول مفهوما و يرى ما بعد ذلك من التكرير عيا» «2».

و سمّاه ابن جني «المجمل الذي يفصله العلم به» و ذكر الآية السابقة: «و من رحمته جعل لكم الليل و النهار ...» و بيت امرى‌ء القيس: «كأنّ قلوب الطير ...» و علق عليهما بمثل تعليق المبرد، ثم قال:

«و هذا في القرآن و الشعر كثير اذا تفطنت له وجدته» «3». و تحدث ابن سنان عنه في التناسب و قال: «و من التناسب ايضا حمل اللفظ على اللفظ في الترتيب ليكون ما يرجع الى المقدم مقدما و الى المؤخر مؤخرا» «4» كقوله الشريف الرضي:

قلبي و طرفي منك هذا في حمى قيظ و هذا في رياض ربيع‌

فانه لما قدّم «قلبي» وجب أن يقدّم وصفه بأنّه في حمى قيظ، فلو كان قال: «طرفي و قلبي منك» لم يحسن في الترتيب أن يؤخر قوله: «في رياض الربيع» و الطرف مقدم.

و قال الزّمخشري تعليقا على قوله تعالى:

وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‌ ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «5»: «شرع ذلك يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر و أمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه و من الترخيص في إباحة الفطر. فقوله: لِتُكْمِلُوا علة الأمر بمراعاة العدة وَ لِتُكَبِّرُوا علة ما علم من كيفية القضاء و الخروج عن عهدة الفطر، وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ علة الترخيص و التيسير. و هذا نوع من اللف لطيف المسلك لا يكاد يهتدي الى تبينه إلا النقاب المحدث من علماء البيان» «6».

و قال عن قوله تعالى: وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ ... (القصص 73) «زواج بين الليل و النهار لأغراض ثلاثة: لتسكنوا في احدهما و هو الليل، و لتبتغوا من فضل اللّه في الآخر و هو النهار، و لارادة شكركم» «7». و قال عن الآية التي بعدها:

وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ؟ «8»: «و قد سلكت بهذه الآية التي بعدها اللف في تكرير التوبيخ باتخاذ الشركاء، إيذان بأن لا شي‌ء أجلب لغضب اللّه من الإشراك به، كما لا شي‌ء أدخل في مرضاته من توحيده» «9».

فالزمخشري يسمّي هذا النوع لفّا، و هو المصطلح الذي تعارف عليه البلاغيون و لكنهم أضافوا اليه «النشر». قال الرازي: «اللف و النشر هو أن تلف شيئين ثم ترمي بتفسيرهما جملة ثقة بأنّ السامع يردّ الى كل واحد منهما ماله» «10».

و أدخله السّكّاكي في المحسّنات المعنوية و قال:

«اللف و النشر، و هي أن تلف بين شيئين في الذكر ثم تتبعهما كلاما مشتملا على متعلق بواحد و بآخر من غير تعيين ثقة بأنّ السامع يردّ كلا منهما الى ما هو له» «11».


(1) الكامل ج 1 ص 741.

(2) الكامل ج 2 ص 740.

(3) المنصف ج 2 ص 117.

(4) سر الفصاحة ص 225.

(5) البقرة 185.

(6) الكشاف ج 1 ص 172.

(7) الكشاف ج 3 ص 337.

(8) القصص 74.

(9) الكشاف ج 3 ص 338.

(10) نهاية الايجاز ص 112، و ينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص 20.

(11) مفتاح العلوم ص 200.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 525
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست