تحدّث النحاة الأوائل عن الزيادة و
فضلها في الكلام، و قد أشار الخليل الى موضعها و بلاغتها و قال سيبويه في مثل: «مررت برجل حسبك به من رجل»
و زعم الخليل- رحمه اللّه- أنّ «به» ههنا بمنزلة «هو» و
لكنّ هذه الباء دخلت ههنا توكيدا» قال: «كفى الشيب و الاسلام» و «كفى بالشيب و الاسلام»[2] فالزيادة تفيد الكلام توكيدا و
تقوية و الى ذلك ذهب أبو عبيدة و ذكر أنّ الحروف تزاد للتأكيد و للتنبيه[3].
و تحدّث التّبريزي عن الزيادة التي
يتم بها المعنى كقول طرفة:
فسقى
ديارك- غير مفسدها-
صوب
الربيع و ديمة تهمي
فقوله: «غير مفسدها» زيادة جعلت المعنى في غاية الحسن[4].
و ذكر المصري أنّ هذا الفن من
مستخرجاته و لكن الخليل و سيبويه و أبا عبيدة قد أشاروا الى بلاغة الزيادة، و
أمثلة التّبريزي تجعله من التتميم أو الاحتراس و لكنّ فضل المصري انه فصّل القول
فيه[5].
و نصح المظفّر العلوي الشاعر أن
يتجنب الزيادة كما يتجنب الاخلال، كقول الشاعر:
فما
نطفة من ماء نهض عذيبة
تمنع
من أيدي الرقاة يرومها
بأطيب
من فيها لو انّك ذقته
اذا
ليلة أسجت و غارت نجومها
قوله: «لو أنّك ذقته» زيادة أفسد بها المعنى لأنّه أوهم أنّك اذا لم تذقه لم
يكن طيبا و لو قال: «بأطيب من فيها و اني لصادق» لكان أوكد في
الاخبار و أصح في الانتقاد[6]. و قال ابن قيّم الجوزية عن الزيادة
في البناء: «هو أن يقصد المتكلم معنى يعبر عنه
لفظتان إحداهما أزيد بناء من الأخرى فيذكر الكلمة التي تزيد حروفها عن الاخرى قصدا
منه الى الزيادة في ذلك المعنى الذي عبر عنه. و لهذا فان «اعشوشب» و
«اخشوشن» في المعنى أكثر و أبلغ من «خشن» «اعشب» و لهذا وقعت الزيادة بالتشديد أيضا.
فان «ستّار» أبلغ
من «ساتر» و «عفّار» أبلغ
من «غافر». و لهذا قال سبحانه و تعالى:اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً[7]، و منه قوله تعالى:وَ كانَ اللَّهُ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً[8] عدل عن «قادر» الى