اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 471
جنسا من أنواع الكلام و يحصر فيه
الأنواع المستغرقة لنوع ذلك الجنس حتى يبالغ فيه»[1].
و نقل الحموي تعريف المصري و
أمثلته[2]، و قال السيوطي: «و هو نوع غريب صعب المسلك اخترعه ابن أبي الاصبع المصري و هو شبيه
بالمبالغة ذكرته عقبها، و ذلك أن يأتي المتكلم الى نوع فيجعله جنسا تعظيما له و
يجعل الجزئيات كلها منحصرة فيه»[3].
كقول الصفي:
فرد
هو العالم الكليّ في شرف
و
نفسه الجوهر القدسيّ في العظم
و من الحديث «الدعاء هو العبادة».
و نقل المدني كلام المصري و أمثلته
و أضاف اليها بعض الأمثلة[4].
الحقيقة:
حقّ الأمر يحق: صار حقا و ثبت، و
حقّ عليه القول و أحققته أنا، و حقّه و حققه. صدّقه. و حقق الرجل اذا قال هذا
الشيء هو الحق[5].
و الحقيقة «فعيلة» بمعنى
«مفعولة»، و اشتقاقها من «حقق الشيء إذا أثبته، و لذلك فهي دلالة اللفظ على المعنى الموضوع له في
أصل اللغة، و قد أشار الجاحظ اليها بقوله: «و يذكرون نارا أخرى و هي على طريق المثل لا على طريق الحقيقة»[6].
و تقرن الحقيقة في البحث بالمجاز،
و قد قال ابن تيمية إنّ تقسيم الكلام اليهما «اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الاولى لم يتكلم به أحد من الصحابة و لا
التابعين لهم باحسان و لا أحد من الائمة المشهورين في العلم ... و أوّل من عرف
أنّه تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه، و لكن لم يعن بالمجاز
ما هو قسيم الحقيقة و إنما عنى بمجاز الآية ما يعبّر به عن الآية»[7]، ثم قال:
«فإنّ تقسيم الالفاظ الى حقيقة و مجاز إنّما اشتهر في المائة الرابعة و
ظهرت أوائله في المائة الثالثة و ما علمته موجودا في المائة الثانية اللهم إلا أن
يكون في أواخرها»[8]. و لعله يريد بذلك أنّ البحث في الحقيقة و المجاز لم يبدأ إلا في ذلك
العهد الذي حدّده، أما الفرق بينهما في التعبير أو في البحث فهو أسبق من ذلك، كما
يتضح من الاخبار، و ما يتجلى من كلام أبي عبيدة و الجاحظ و غيرهما من المتقدمين.
و قد بدأ البحث في الحقيقة يظهر من
القرن الثالث و لكن الذين جاءوا بعده كانوا أكثر عمقا في التحديد، فابن جني يقول: «الحقيقة ما أقرّ في الاستعمال على أصل وضعه
في اللغة»[9].
و قال ابن فارس: «فالحقيقة الكلام الموضوع موضعه الذي ليس
باستعارة و لا تمثيل و لا تقديم و لا تأخير»[10].
و قال عبد القاهر: «كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع
واضع، و إن شئت قلت في مواضعة وقوعا لا تستند فيه الى غيره فهي حقيقة. و هذه
العبارة تنتظم الوضع الأول و ما تأخر عنه كلغة تحدث في قبيلة من العرب أو في جميع
العرب أو في جميع الناس مثلا أو تحدث اليوم. و يدخل فيها الأعلام منقولة كانت كزيد
و عمرو أو مرتجلة كغطفان، و كل كلمة استؤنف لها على الجملة مواضعة أو ادعي
الاستئناف فيها»[11].