اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 423
القول أن يتكلم بما يتناقض معناه[1]. و قال
الشريف الجرجاني: «التناقض: هو اختلاف القضيتين بالايجاب و
السلب بحيث يقتضي لذاته صدق إحداهما و كذب الأخرى»[2].
تحدّث قدامة عن التناقض و قال: «إنّ مناقضة الشاعر نفسه في قصيدتين أو
كلمتين بأن يصف شيئا وصفا حسنا ثم يذمه بعد ذلك ذمّا حسنا أيضا غير منكر عليه و لا
معيب من فعله إذا أحسن المدح و الذمّ بل ذلك عندي يدلّ على قوة الشاعر في صناعته و
اقتداره عليها»[3].
و تحدّث في عيوب المعاني عن الاستحالة و التناقض و هما «أن يذكر في الشعر شيء فيجمع بينه و
بين المقابل له من جهة واحدة. و الأشياء تتقابل على أربع جهات: إمّا على طريق
المضاف و معنى المضاف هو الشيء الذي يقال بالقياس الى غيره مثل الضعف الى نصفه و
المولى الى عبده و الأب الى ابنه ... و إمّا على طريق التضادّ مثل الشّرّير للخير
و الحارّ للبارد و الأبيض للأسود. و إمّا على طريق العدم و القنية[4] مثل
الأعمى و البصير و الأصلع و ذي اللحية. و إما على طريق النفي و الاثبات مثل أن
يقال:
«زيد جالس»: «زيد ليس بجالس».
فاذا أتى في الشعر جمع بين
متقابلين من هذه المتقابلات و كان الجمع من جهة واحدة فهو عيب فاحش غير مخصوص
بالمعاني الشعرية بل هو لاحق بجميع المعاني»[5].
فمما جاء في الشعر من التناقض على
طريق المضاف قول عبد الرحمن بن عبد اللّه القس:
فاني
إذا ما الموت حلّ بنفسها
يزال
بنفسي قبل ذاك فأقبر
فقد جمع بين «قبل» و
«بعد» و هما من المضاف لأنّه لا قبل إلا
لبعد و لا بعد إلا لقبل، حيث قال: «إنه اذا وقع الموت بها» و هذا القول كأنّه شرط وضعه ليكون له جواب يأتي
به، و جوابه هو قوله: «يزال بنفسي قبل ذاك» و هذا شبيه بقول قائل لو قال: «إذا انكسر الكوز انكسرت الجرة قبله».
و مما جاء على جهة التضاد قول أبي
نواس يصف الخمرة:
كأنّ
بقايا ما عفا من حبابها
تفاريق
شيب في سواد عذار
فشبّه حباب الكأس بالشيب و ذلك قول
جائز؛ لأنّ الحباب يشبه الشيب في البياض وحده لا في شيء آخره غيره، ثم قال:
تردّت
به ثم انفرى عن أديمها
تفرّي
ليل عن بياض نهار
فالحباب الذي جعله في هذا البيت
الثاني كالليل هو الذي كان في البيت الاول أبيض كالشيب، و الخمر التي كانت في
البيت الاول كسواد العذار هي التي صارت في البيت الثاني كبياض النهار. و ليس في
هذا التناقض منصرف الى جهة من جهات العذر لأنّ الابيض و الأسود طرفان متضادان.
و مما جاء من التناقض على طريقة
القنية و العدم قول يحيى بن نوفل:
لأعلاج
ثمانية و شيخ
كبير
السنّ ذي بصر ضرير
فلفظة «ضرير» إنّما
تستعمل في الاكثر للذي لا بصر له و قول هذا الشاعر في هذا الشيخ إنّه ذو بصر و
إنّه ضرير تناقض من جهة القنية و العدم. و ذلك أنّه كأنه يقول:
«إنّ له بصرا و لا بصر له، فهو بصير أعمى».
و مما جاء على طريق الايجاب و
السلب قول عبد الرحمن بن عبد اللّه القس: