responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 421

كأني لم أركب جوادا و لم أقل‌

لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال‌

و لم أسبأ الزّقّ الرويّ للذّة

و لم أتبطّن كاعبا ذات خلخال‌ [1]

و من ذلك قول المتنبي:

وقفت و ما في الموت شكّ‌

لواقف‌

كأنّك في جفن الردى و هو نائم‌

تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة

و وجهك وضّاح و ثغرك باسم‌

و حكي أنّ سيف الدولة الحمداني قال للمتنبي: قد انتقدتهما عليك كما انتقد على امرئ القيس قوله: «كأني لم أركب ...» فبيتاك لم يلتئم شطراهما كما لم يلتئم شطرا بيتي امرئ القيس و كان ينبغي لك أن تقول:

وقفت و ما في الموت شكّ لواقف‌

و وجهك وضّاح و ثغرك باسم‌

تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة

كأنك في جفن الردى و هو نائم‌

فقال المتنبي: «إن صحّ أنّ الذي استدرك على امرئ القيس هذا هو أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس و أخطأت أنا، و مولانا يعلم أنّ الثوب لا يعلمه البزّاز كما يعلمه الحائك لأنّ البزاز يعرف جملته و الحائك يعرف تفاصيله و إنّما قرن امرؤ القيس النساء بلذة الركوب للصيد و قرن السماحة بسباء الخمر للاضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، و كذلك لما ذكرت الموت في صدر البيت الأول اتبعته بذكر الردى في آخره ليكون أحسن تلاؤما، و لما كان وجه المنهزم الجريح عبوسا و عينه باكية قلت: «و وجهك وضّاح و ثغرك باسم» لأجمع بين الأضداد» [2].

فتناسب الابيات و الأشطار و الارتباط بينها من أهم ما ينبغي للشاعر العناية به لئلا يحدث خلل أو تختل الصورة الشعرية إذا وقع تنافر بين العبارات.

تناسب الأطراف:

قال المدني: «تناسب الأطراف عبارة عن أن يبتدى‌ء المتكلّم كلامه بمعنى ثم يختمه بما يناسب ذلك المعنى الذي ابتدأ به. و هذا النوع جعله الخطيب في التلخيص و الإيضاح من مراعاة النظير [3]. قال:

و من مراعاة النظير ما يسمّيه بعضهم تشابه الأطراف و هو أن يختم الكلام بما يناسب أوّله في المعنى، و قد علمت أنّ الشيخ زكي الدين بن أبي الإصبع نقل هذا الاسم و هو «تشابه الأطراف» إلى نوع التسبيغ الذي هو عبارة عن أن يعيد الشاعر لفظة القافية في أول البيت الذي يليها فتكون الأطراف متشابهة و هي تسمية مطابقة للمسمّى. و سمّى بعضهم هذا النوع «تشابه الأطراف المعنوي» و هو تطويل في العبارة فرأينا نحن تسميته بتناسب الأطراف أولى لمطابقته لمسمّاه» [4].

و هو نوعان: ظاهر و خفيّ، فالأوّل كقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [5] فإن «اللطيف يناسب كونه غير مدرك بالابصار، و الخبير يناسب كونه مدركا للاشياء لأنّ المدرك للشي‌ء يكون خبيرا».

الثاني كقوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‌ [6]. فان قوله- سبحانه-: وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ‌ يوهم أنّ الفاصلة «الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»* و لكن اذا أمعن و انعم النظر علم أنّه يجب أن تكون على ما عليه التلاوة لأنّه لا يغفر لمن يستحق‌


[1] عيار الشعر ص 124.

[2] المثل السائر ج 2 ص 303- 304، الجامع الكبير ص 217.

[3] الايضاح ص 344، التلخيص ص 354.

[4] أنوار الربيع ج 4 ص 195.

[5] الانعام 103.

[6] المائدة 118.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست