responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 391

فان استحسان إساءة الواشي ممكن لكن لما خالف الناس فيه عقّبه بما ذكر. أو غير ممكنة كقول الشاعر:

لو لم تكن نية الجوزاء خدمته‌

لما رأيت عليها عقد منتطق‌

و ألحق به ما بني على الشك كقول أبي تمام:

ربا شفعت ريح الصّبا لرياضها

الى المزن حتى جادها و هو هامع‌

كأنّ السّحاب الغرّغّيبن تحتها

حبيبا فما ترقى لهنّ مدامع‌

و ذهب الى ذلك القزويني في التعريف و التقسيم و إلحاق ما بني على الشك به‌ [1]، و تبعه شراح تلخيصه و السيوطي و المدني‌ [2].

و عقد بعض البلاغيين فصلا باسم «التعليل»، و قد قال المصري: «هو أن يريد المتكلم ذكر حكم واقع أو متوقع فيقدم قبل ذكره علة وقوعه لكون رتبة العلة أن تقدم على المعلول» [3]، كقوله تعالى: لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ‌ [4]، فسبق الكتاب من اللّه علة في النجاة من العذاب. و منه قول البحتري:

و لو لم تكن ساخطا لم أكن‌

أذمّ الزمان و أشكو الخطوبا

فوجود سخط الممدوح هو العلة في شكوى الشاعر الزمان.

و نقل ابن الأثير الحلبي تعريف المصري و الآية الكريمة [5]، و قال ابن مالك: «التعليل أن تقصد الى حكم فتراه مستبعدا لكونه قريبا او عجيبا أو لطيفا أو نحو ذلك فتأتي على سبيل التطرف بصفة مناسبة للتعليل فتدعي كونها علة للحكم لتوهم تحقيقه، فان اثبات الحكم بذكر علته أروج في العقل من إثباته بمجرد دعواه» [6].

و ذكر العلوي تعريف ابن مالك و قسّمه الى نوعين‌ [7]:

الأوّل: أن يأتي التعليل صريحا إما باللام كقول ابن رشيق يعلل قوله- عليه السّلام-: «جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا» فقال في معنى ذلك:

سألت الأرض لم جعلت مصلّى‌

و لم كانت لنا طهرا و طيبا

فقالت غير ناطقة لأنّي‌

حويت لكلّ إنسان حبيبا

و لقد أحسن في الاستخراج و ألطف في التعليل، فلأجل ما قاله كان ذلك علة في كونها طهورا و مسجدا.

الثاني: أن لا يكون التعليل صريحا في اللفظ و إنّما يؤخذ من جهة السياق و النظم و المعنى كقول بعض الشعراء، و لعله مسلم بن الوليد:

يا واشيا حسنت منا اساءته‌

نجّى حذارك إنساني من الغرق‌

فلقد أبدع فيما قاله و أراد أنّ الواشي مذموم لا محالة لما يفعله من القبيح لكنّ العلة في حسن إساءته و هو أنّه يخاف على محبوبته من وشايته فامتنع دمع عينه من أجل الخوف فسلم إنسان عينه من أن يغرق بدموعه لما كان خائفا مذعورا من الوشاية، فلا وجه لتعليل حسن الوشاة إلا هذا.

و قال الزركشي إنّ ذكر الشي‌ء معلّلا أبلغ من ذكره‌


[1] الايضاح ص 367، التلخيص ص 375.

[2] شروح التلخيص ج 4 ص 373، المطول ص 436، الاطول ج 2 ص 210، شرح عقود الجمان ص 125، أنوار الربيع ج 6 ص 136، التبيان في البيان ص 260، شرح الكافية ص 283.

[3] تحرير التحبير ص 309، بديع القرآن ص 109.

[4] الانفال 68.

[5] جوهر الكنز ص 239.

[6] المصباح ص 110.

[7] الطراز ج 3 ص 138.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 391
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست