responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 388

وقع المتنبي في استكراه اللفظ و تعقيد المعنى، قال الثعالبي: «و هو أحد مراكبه الخشنة التي ينسخها و يأخذ عليها في الطرق الوعرة فيضل و يضل و يتعب و يتعب و لا ينجح» [1].

و اهتم ابن جني بهذه المسألة و ذكر أمثلة كثيرة للتعقيد، و بيّن أنّه من آثار الإخلال بقواعد النحو و أصوله، و أنّه متعمد لاظهار قوة الطبع‌ [2]، و قال عبد القاهر إنّ ذلك بسبب فساد النظم و سوء التأليف‌ [3].

و أدخل السّكّاكي التعقيد في بحث الفصاحة و قال إنها قسمان: قسم راجع الى المعنى و هو خلوص الكلام عن التعقيد، و فسّره بقوله: «و المراد بتعقيد الكلام هو أن يعثر صاحبه فكرك في متصرفه و يشيك طريقك الى المعنى و يوعر مذهبك نحوه حتى يقسم فكرك و يشعب ظنك الى أن لا تدري من أين تتوصل و بأي طريق معناه يتحصل كقول الفرزدق:

و ما مثله في الناس إلا مملّكا

أبو أمه حيّ أبوه يقاربه‌

و كقول أبي تمام:

ثانيه في كبد السّماء و لم يكن‌

كاثنين ثان إذهما في الغار

و غير المعقّد هو أن يفتح صاحبه لفكرتك الطريق المستوي و يمهّده و إن كان في معاطف نصب عليه المنار و أوقد الأنوار حتى تسلكه سلوك المتبين لوجهته و تقطعه قطع الواثق بالنجح في طيته» [4]. و تبعه في ذلك القزويني الذي عرّف التعقيد بقوله: «هو أن لا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد به» [5]. و له سببان:

أحدهما: ما يرجع إلى اللفظ و هو أن يختل النظم و لا يدري السامع كيف يتوصل منه الى معناه كقول الفرزدق. و الكلام الخالي من التعقيد اللفظي ما سلم نظمه من الخلل فلم يكن فيه ما يخالف الأصل من تقديم أو تأخير أو إضمار أو غير ذلك إلا و قد قامت عليه قرينة لفظية أو معنوية.

و الثاني: ما يرجع الى المعنى و هو أن لا يكون انتقال الذهن من المعنى الأول الى المعنى الثاني الذي هو لازمه و المراد به ظاهرا كقول العباس بن الأحنف:

سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا

و تسكب عيناي الدموع لتجمدا

كنّى بسكب الدموع عما يوجبه الفراق من الحزن و أصاب، لأنّ من شأن البكاء أن يكون كناية عنه كقولهم: «أبكاني و أضحكني» أي: ساءني و سرني، كما قال الحماسي:

أبكاني الدّهر و يا ربّما

أضحكني الدّهر بما يرضي‌

ثم طرد ذلك نقيضه فاراد أن يكنّي عما يوجبه دوام التلاقي من السرور بالجمود لظنه أنّ الجمود خلو العين من البكاء مطلقا من غير اعتبار شي‌ء آخر، و أخطأ؛ لأنّ الجمود خلو العين من البكاء في حال إرادة البكاء منها فلا يكون كناية عن المسرّة و إنّما يكون كناية عن البخل. فالكلام الخالي من التعقيد ما كان الانتقال من معناه الأول الى معناه الثاني الذي هو المراد به ظاهرا حتى يخيل الى السامع أنّه فهمه من حاقّ اللفظ.

و سار المتأخّرون على مذهب السكاكي و القزويني، و درسوا التعقيد في مبحث الفصاحة الذي صدّروا به دراساتهم البلاغية [6].

التّعليق:

علق بالشي‌ء علقا و علقه: نشب فيه، و التعليق من‌


[1] يتيمة الدهر ج 1 ص 169.

[2] الخصائص ج 1 ص 329، ج 2 ص 392.

[3] دلائل الاعجاز ص 65.

[4] مفتاح العلوم ص 196.

[5] الايضاح ص 5، التخليص ص 27.

[6] شروح التلخيص ج 1 ص 12، المطول ص 102، الأطول ج 1 ص 22 و ما بعدها.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست