responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 333

التشبيه إلا انهما بغير أداته و على غير أسلوبه».

و كان عبد القاهر من أوائل الذين وضعوا حدا واضحا بين التشبيه و التمثيل حينما قسم التشبيه الى ضربين:

أحدهما: أن يكون تشبيه الشي‌ء بالشي‌ء من جهة أمر بيّن لا يحتاج فيه الى تأويل، و هذا هو التشبيه الأصلي.

ثانيهما: أن يكون التشبيه محصلا بضرب من التأويل، و هذا هو التشبيه التمثيلي، او التمثيل.

و لذلك فكل تشبيه يكون الوجه فيه حسيا مفردا أو مركبا أو كان من الغرائز و الطباع العقلية الحقيقية هو «تشبيه غير تمثيلي»، و كل تشبيه كان وجه الشبه فيه عقليا مفردا أو مركبا غير حقيقي و محتاجا في تحصيله الى تأول هو «تشبيه تمثيلي»، و هذا هو الفرق بين الضربين و إن كان الأول عاما و الثاني خاصا، و لذلك قال: «كل تمثيل تشبيه و ليس كل تشبيه تمثيلا» [1].

و من التشبيه قول الشاعر:

و قد لاح في الصّبح الثريا لمن رأى‌

كعنقود ملّاحية حين نوّرا

و لا يحتاج هذا البيت الى تأويل لأنّه ظاهر، أما التمثيل فهو بخلاف ذلك، و منه قول ابن المعتز:

اصبر على مضض الحسو

د فانّ صبرك قاتله‌

فالنار تأكل بعضها

إن لم تجد ما تاكله‌

و قول صالح بن عبد القدوس:

و إنّ من أدّبته في الصّبا

كالعود يسقى الماء في غرسه‌

حتى تراه مورقا ناضرا

بعد الذي أبصرت من يبسه‌

و هذه الأبيات تحتاج الى تأول و لا يمكن أن تفهم الصلة بين الأطراف إلا بضرب من التأمل. و التمثيل الذي أولى أن يسمى كذلك ما لا يحصل إلا من جملة من الكلام أو جملتين أو اكثر حتى كأن التشبيه كلما أوغل في كونه عقليا محضا كانت الحاجة الى الجملة أكثر، كقوله تعالى: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‌ [2].

و التمثيل عند السكاكي هو ما كان وجه الشبه فيه عقليا غير حقيقي و كان مركبا، قال: «و اعلم أنّ التشبيه متى كان وجهه غير حقيقي و كان منتزعا من عدة أمور خص باسم التمثيل» [3] كقول ابن المعتز: «اصبر على مضض ...» و قول صالح بن عبد القدوس: «و إنّ من أدبته ...».

و التمثيل عند القزويني ما كان وجه الشبه فيه وصفا منتزعا من متعدد أي من أمرين أو أمور سواء كان ذلك التعدد متعلقا بأجزاء الشي‌ء الواحد أم لا، قال: التمثيل ما وجهه وصف منتزع من متعدد أمرين أو أمور» [4].

و قال الدسوقي: «التمثيل هو هيئة مأخوذة من متعدد سواء كان الطرفان مفردين أو مركبين، أو كان أحدهما مفردا و الآخر مركبا، و سواء كان ذلك الوصف المنتزع حسيا بأن كان منتزعا من حسي أو عقليا او اعتباريا وهميا، و هذا مذهب الجمهور» [5]. و لذلك فكل تمثيل عند السكاكي تمثيل عند القزويني و الجمهور، و ليس كل تمثيل عندهم تمثيل عند السكاكي، فبين المذهبين عموم و خصوص.


[1] أسرار البلاغة ص 84، و ينظر الإيضاح في شرح مقامات الحريري ص 7.

[2] يونس 24.

[3] مفتاح العلوم ص 164.

[4] الإيضاح ص 249، التلخيص ص 274.

[5] حاشية الدسوقي ج 3 ص 432.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست