اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 23
و
نرتبط السوابق مقربات
و
ما ينجين من خبب الليالي
و هذا ما ذهب اليه البلاغيون و
أكّدوه[1].
و منهم من يسمي هذا الفن «حسن المطالع و المبادي» كالثعالبي الذي عقد فصلا للكلام على ابتداءات
المتنبي الحسنة، و ابن قيم الجوزية الذي قال عنه: «و ذلك دليل على جودة البيان و بلوغ المعاني الى الاذهان، فانه أول شيء
يدخل الأذن، و أول معنى يصل الى القلب، و أول ميدان يجول فيه تدبر العقل»[2].
و قسمه الى قسمين:
الأول: جليّ كقوله تعالى:الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعالَمِينَ[3]، و أكثر مطالع سور القرآن الكريم
على هذا النمط.
الثاني: خفّي كقوله تعالى:الم. ذلِكَ الْكِتابُ[4]، و ما يجري مجرى ذلك من السور التي افتتحت بالحروف المفردة و المركبة.
الإبداع:
الابداع من «أبدع» و
هو أن يأتي الشاعر بالبديع، و البديع: الشيء الذي يكون أولا[5].
و الابداع سمة الشاعر المبتكر و
الكاتب المقتدر، و قد وضعه البلاغيون و النقاد في قمة الانتاج و إن كان قليلا إذا
قيس بغيره. قال ابن رشيق: «الابداع: هو
اتيان الشاعر بالمعنى المستظرف الذي لم تجر العادة بمثله. ثم لزمته هذه التسمية
حتى قيل له بديع و إن كثر و تكرر فصار الاختراع للمعنى و الابداع للفظ، فاذا تمّ
للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع في لفظ بديع فقد استولى على الأمد و حاز قصب السبق»[6].
و قال الوطواط: «قال أرباب البيان إنّ هذه الصنعة عبارة
عن نظم المعاني البديعة في ألفاظ حسنة بعيدة عن التكلف. و في رأيي أنّ ذلك لا يدخل
في جملة الصناعات لأنّ كلام العقلاء و الفضلاء سواء المنظوم منه أو المنثور يجب أن
يكون على هذا النسق فان لم يكن كذلك اعتبر من أحاديث العوام»[7].
و قسم ابن الأثير المعاني الى
ضربين:
أحدهما: يبتدعه مؤلف الكلام من غير
أن يقتدي فيه بمن سبقه و هذا الضرب ربما يعثر عليه عند الحوادث المتجددة و يتنبه
له عند الامور الطارئة.
و من ذلك ما ورد في شعر أبي تمام
في وصف مصلّبين:
بكروا
و أسروا في متون ضوامر
قيدت
لهم من مربط النّجار
لا
يبرحون و من راهم خالهم
أبدا
على سفر من الأسفار
و هذا المعنى مما يعثر عليه عند الحوادث
المتجددة، و الخاطر في مثل هذا المقام ينساق الى المعنى المخترع من غير كلفة كبيرة
لشاهد الحال الحاضرة.
و من هذا الضرب ما جاء في شعر
المتنبي و في وصفه الحمّى، و هو قوله:
و
زائرتي كأنّ بها حياء
فليس
تزور إلا في الظلام
بذلت
لها المطارف و الحشايا
فعافتها
و باتت في عظامي
كأنّ
الصّبح يطردها فتجري
مدامعها
بأربعة سجام
أراقب
وقتها من غير شوق
مراقبة
المشوق المستهام
[1]التلخيص
ص 429، الإيضاح ص 428، عروس الأفراح ج 4 ص 531، المختصر ج 4 ص 531، المطول 477،
مواهب الفتاح ج 4 ص 531.