اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 191
لا يجد لاسمه اسما مشتركا معه
فتعلق بظاهره على طريق المغالطة أو لأنّه لم يفهم إلا ذلك الوجه الذي تعلّق به
فلا، جرم أنّ الجبار انقطع و أخبر اللّه- سبحانه- عنه بذلك حيث قال تعالى:فَبُهِتَ الَّذِي
كَفَرَ (البقرة
258). و فيه نوع يحيد المسؤول عن خصوص الجواب الى عمومه لتفيد تلك الحيدة زيادة
بيان لا تحصل بخصوص الجواب كقول عائشة- رضي اللّه عنها- و قد سألتها امرأة: أتدخل
المرأة الحمام؟
فقالت: «كل امرأة وضعت ثيابها في غير بيتها فقد عصت»، أو كما قالت. فانظر الى
حيدتها عن الخصوص الى العموم لتفيد زيادة في البيان و تستوعب جميع أحكام الباب ..
و أما ما يأتي بسبب صحة المعارضة على طريق المغالطة فما لا يحسن ذكره مثاله[1]. و سماه
ابن الاثير الحلبي و السيوطي «الانتقال»، و قال الأول: «هو أن يسأل المتكلم في بحث أو غيره
فيجيب بجواب لا يصلح أن يكون جواب ذلك السؤال و انما يحمله على ذلك إما لأنّ حجته
لم تنهض بالاستدلال عليه و اما مغالطة عن أداء الجواب عما سئل عنه»[2]. و نقل
مثال المصري. و قال السيوطي: «هو أن ينتقل المستدل الى استدلال غير الذي كان آخذا فيه لكون الخصم لم
يفهم وجه الدلالة من الأول»[3]. و نقل مثال المصري أيضا.
الانتكاث:
النكث: نقض ما تعقده و تصلحه من
بيعة و غيرها، يقال: نكثه نكثا فانتكث و تناكث القوم عهودهم: نقضوها[4].
سماه ابن منقذ «الانتكاث و التراجع» و قال:
«هو أن ينقض الشاعر قوله بقول آخر، أو ينقص مما زاد فيه»[5]. كما عابوا
على امرئ القيس قوله:
فلو
أنّ ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني
و لم أطلب قليل من المال
و
لكنّما أسعى لمجد مؤثّل
و
قد يدرك المجد المؤثل أمثالي
و قوله:
فتملأ
بيتنا أقطا و سمنا
و
حسبك من غنى شبع وريّ
لأنّه وصف نفسه في موضع بسمو الهمة
الى الأمور العظيمة، و في موضع آخر بالقناعة و الشبع و الري.
و كان قدامة قد تحدث عن هذه
الأبيات في باب مناقضة الشاعر نفسه في قصيدتين أو كلمتين، و رأى أنّ امرأ القيس لم
يناقض نفسه، قال: «إنّه لو تصفح أولا قول امرئ القيس حق تصفحه
لم يوجد ناقض معنى آخر، بل المعنيان في الشعرين متفقان إلا أنّه زاد في أحدهما
زيادة لا تنقض ما في الآخر، و ليس أحد ممنوعا من الاتساع في المعاني التي لا
تتناقض، و ذلك أنّه قال في أحد المعنيين: «فلو أنني أسعى لأدنى معيشة كفاني القليل من المال» و هذا موافق لقوله: «و حسبك من غنى شبع وريّ» لكن في
المعنى الأول زيادة ليست بناقضة لشيء و هو قوله:
«لكنني لست أسعى لما يكفيني و لكن لمجد أؤتله».
فالمعنيان اللذان ينبئان عن اكتفاء
الانسان باليسير في الشعرين متوافقان، و الزيادة في الشعر الأول التي دلّ بها على
بعد همته ليست تنقض واحدا منهما و لا تنسخه»[6].