responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 19

على قدر أهل العزم تأتي العزائم‌

و تأتي على قدر الكرام المكارم‌

فلما بلغ قوله: «وقفت و ما في الموت شك لواقف» قال له سيف الدولة: قد انتقدنا عليك هذين البيتين كما انتقد على امرئ القيس بيتاه و هما:

كأنّي لم أركب جوادا للذّة

و لم أتبطّن كاعبا ذات خلخال‌

و لم أسبأ الزقّ الرويّ و لم أقل‌

لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال‌

و بيتاك لا يلتئم شطراهما كما لا يلتئم شطرا هذين البيتين، كان ينبغي لامرئ القيس أن يقول:

كأني لم أركب جوادا و لم أقل‌

لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال‌

و لم أسبأ الزقّ الرويّ للذّة

و لم اتبطّن كاعبا ذات خلخال‌

و لك أن تقول:

وقفت و ما في الموت شكّ لواقف‌

و وجهك وضّاح و ثغرك باسم‌

تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة

كأنّك في جفن الرّدى و هو نائم‌

فقال: أيّد اللّه مولانا، إن صحّ أنّ الذي استدرك على امرئ القيس هذا كان أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس و أخطأت أنا. و مولانا يعلم أنّ الثوب لا يعرفه البزاز معرفة الحائك؛ لأنّ البزاز يعرف جملته و الحائك يعرف جملته و تفاريقه؛ لانّه هو الذي أخرجه من الغزلية الى الثوبية، و إنّما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، و قرن السماحة في شراء الخمر للاضياف بالشجاعة في منازلة الاعداء. و أنا لمّا ذكرت الموت في أول البيت أتبعته بذكر الردى و هو الموت ليجانسه، و لما كان وجه الجريح المهزوم لا يخلو من أن يكون عبوسا، و عينه من أن تكون باكية قلت: «و وجهك وضّاح و ثغرك باسم» لأجمع بين الأضداد في المعنى و إن لم يتسع اللفظ لجميعها [1].

و كان ابن طباطبا قد ذكر بيتي امرئ القيس حينما تكلم على تأليف الشعر و قال: «هكذا الرواية و هما بيتان حسنان و لو وضع مصراع كل واحد منهما في موضع الآخر كان أشكل و أدخل في استواء النسج» [2]. و ذكر قول ابن هرمة:

و إنّي و تركي ندى الاكرمي

ن و قد حي بكفي زنادا شحاحا

كتاركة بيضها في العرا

ء و ملبسة بيض أخرى جناحا

و قول الفرزدق:

و إنك إذ تهجو تميما و ترتشي‌

سرابيل قيس أو سحوق العمائم‌

كمهريق ماء بالفلاة و غرّه‌

سراب أذاعته رياح السّمائم‌

و قال: «و كان يجب أن يكون بيت لابن هرمة مع بيت للفرزدق، و بيت للفرزدق مع بيت لابن هرمة فيقال:

و إني و تركي ندى الأكرمي

ن و قدحي بكفي زنادا شحاحا

كمهريق ماء بالفلاة و غرّه‌

سراب أذاعته رياح السّمائم‌

و يقال:

و إنّك إذ تهجو تميما و ترتشي‌

سرابيل قيس أو سحوق العمائم‌

كتاركة بيضها في العرا

ء و ملبسة بيض أخرى جناحا


[1] يتيمة الدهر ج 1 ص 33، المصباح ص 115، الطراز ج 3 ص 147، خزانة الأدب ص 231، شرح الكافية ص 172 أنوار الربيع ج 4 ص 198، نفحات ص 274.

[2] عيار الشعر ص 124.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست