فلو اقتصر على قوله: «و ما مات منا سيد في فراشه» لأوهم
أنّهم صبر على الحروب و القتل دون الانتصار من أعدائهم فلا جرم أكمله بقوله: «و لا طلّ منا حيث كان قتيل» فارتفع
ذلك الاحتمال المتوهم و زال»[2].
و هذا ما سماه البلاغيون التكميل
أو الاطناب بالتكميل[3]، و قد تقدم.
الالتئام:
يقال: تلاءم القوم و التأموا:
اجتمعوا و اتفقوا، و يقال: التأم الفريقان و الرجلان إذا تصالحا و اجتمعا.
و الالتئام في البلاغة أن تكون
كلمات النظم متناسبة ليس فيها ما يثقل على النطق عند اجتماعها، و هو ما تحدث عنه
البلاغيون في باب التنافر عند كلامهم على فصاحة الكلام و خلوصه من ضعف التأليف و
تنافر الكلمات[5]، و ذكروا له قول القائل:
و
قبر حرب بمكان قفر
و
ليس قرب قبر حرب قبر
و قول أبي تمام:
كريم
متى أمدحه أمدحه و الورى
معي
و اذا ما لمته لمته وحدي
و قد أشار المرزوقي الى ذلك و قال
و هو يتحدث عن عمود الشعر: «و عيار التحام أجزاء النظم و التئامه على تخير من لذيذ الوزن، الطبع و
اللسان فما لم يتعثر الطبع بأبنيته و عقوده و لم يتحبس اللسان في فصوله و وصوله بل
استمرا فيه و استسهلاه بلا ملال و لا كلال فذاك يوشك أن يكون القصيدة منه كالبيت،
و البيت كالكلمة تسالما لأجزائه و تقارنا»[6]. و هذا ما تحدث الجاحظ عنه من قبل و
قال: «و من ألفاظ العرب ألفاظ تتنافر و إن
كانت مجموعة في بيت شعر لم يستطع المنشد إنشادها إلا ببعض الاستكراه فمن ذلك قول
الشاعر:
و
قبر حرب بمكان قفر
و
ليس قرب قبر حرب قبر
و لما رأى من لا علم له أنّ أحدا
لا يستطيع أن ينشدها هذا البيت ثلاث مرات في نسق واحد فلا يتتعتع و لا يتلجلج و
قيل لهم إنّ ذلك إنّما اعتراه إذ كان من أشعار الجن، صدّقوا ذلك. و من ذلك قول ابن
يسير في احمد بن يوسف حين استبطأه: