responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 146

لِي وَ لِوالِدَيْكَ‌ [1].

و منها المطابقة و الاستعطاف كما في قول المتنبي:

و خفوق قلب لو رأيت لهيبه‌

- يا جنّتي- لرأيت فيه جهنّما

و منها بيان السبب لأمر فيه غرابة كما في قول الشاعر:

فلا هجره يبدو- و في اليأس راحة-

و لا وصله يصفو لنا فنكارمه‌

و منها المدح كما في قول أبي محمد الخازن:

فأية طربة للعفو إنّ ال

كريم- و أنت معناه- طروب‌

و مما جاء بين كلامين متصلين معنى و هو أكثر من جملة أيضا قوله تعالى: قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى‌ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى‌ وَ إِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ‌ [2]. فقوله تعالى: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى‌ ليس من قول أم مريم و إنما هو اعتراض من كلام اللّه- سبحانه- و النكتة فيه تعظيم الموضوع و تجهيلها بقدر ما وهب لها منه.

و هذه النكت أشار اليها القزويني و شراح تلخيصه حينما تحدثوا عن «الاطناب بالاعتراض» [3]:

الإعجاز:

نزل القرآن الكريم فكان حجة بلاغية تحدى العرب بل الانس و الجن على أن يأتوا بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا. و كان العرب يسمعونه فيخرّون لروعته و جماله ساجدين و يتأثرون به تأثرا شديدا و قد دفع المؤلفين فيما بعد الى أن يبحثوا عن ذلك و يوضحوا مسألة إعجاز القرآن، و يبينوا سر ذلك الاعجاز الذي تحداهم اللّه به حينما قال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‌ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [4].

كان المتكلمون أول من تحدثوا عن إعجازه و بلاغته فقالت المعتزلة- إلا النظام و هشاما الفوطي و عباد بن سليمان-: «تأليف القرآن و نظمه معجز محال وقوعه منهم كاستحالة إحياء الموتى منهم و انّه علم لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم-. و قال النظام: الآية و الاعجوبة في القرآن ما فيه من الاخبار عن الغيوب، فأما التأليف و النظم فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد لو لا أنّ اللّه منعهم بمنع و عجز أحدثهما فيهم. و قال هشام و عباد: لا نقول إنّ شيئا من الأعراض يدلّ على اللّه سبحانه و تعالى- و لا نقول أيضا إنّ عرضا يدل على نبوة النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم-. و لم يجعلا القرآن علما للنبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و زعما أنّ القرآن أعراض» [5].

و يتضح من ذلك أنّ للمعتزلة رأيين في الاعجاز:

الأول: إنّه معجز بنظمه.

إنّه معجز بالصّرفة.

و رأى الرماني أنّ القرآن معجز ببلاغته، و هو أعلى طبقات الكلام، و البلاغة عنده ايصال المعنى الى القلب في أحسن صورة من اللفظ، و أعلاها طبقة في الحسن بلاغة القرآن، و أعلى طبقات البلاغة معجز للعرب كإعجاز الشعر المفحم، فهذا معجز للمفحم خاصة كما إنّ ذلك معجز للكافة [6].

و يرى الخطّابي أنّ بلاغة القرآن ترجع الى جمال ألفاظه و حسن نظمه و سموّ معانيه و تأثيره في النفوس، قال: «و اعلم أنّ القرآن إنما صار معجزا لأنّه جاء بأفصح‌


[1] لقمان 14.

[2] آل عمران 36.

[3] الايضاح ص 206، التلخيص 231، شروح التلخيص ج 3 ص 237، المطول ص 296، الأطول ج 2 ص 47. و ينظر المنصف ص 63، التبيان في البيان ص 316، شرح الكافية ص 320.

[4] الاسراء 88.

[5] مقالات السلاميين ج 1 ص 225.

[6] النكت في اعجاز القرآن ص 69.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست