اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 145
و مثاله: «الناس كلهم أبناء الدنيا و أخلاقهم- حاشا سيدنا- أخلاقها، فما يراد منهم
الوفاء و لا يردّ منهم الجفاء»، و قول المتنبي:
و
تحتقر الدّنيا احتقار مجرّب-
يرى
كلّ ما فيها- و حاشاك- فانيا
و منه نوع آخر و هو حسن، و مثاله: «وجدت من الألم- و عافاك اللّه- كذا و
كذا، فكيف أنكر أن تتنكر عليّ الأيام و تتوالى على جسمي الآلام، و قد أربيت على
الستين- ضاعفها اللّه لك عددا- و جعلك بالذكر الجميل بعد العمر الطويل مخلدا»، و
قول الشاعر:
إنّ
الثمانين- و بلغتها-
قد
أحوجت سمعي الى ترجمان
و سماه التنوخي اعتراضا[1]، و قال الحلبي: «و هو الذي سماه الحاتمي و سماه ابن المعتز اعتراض كلام في كلام لم يتم
معناه ثم يعود فيتمه»[2]. و ذكر ابن الأثير الحلبي أنّهم يسمونه التمام أيضا[3]. و هذه
تسمية لم ترد كثيرا في كتب البلاغة إذ استحسن البلاغيون تسميته اعتراضا كالزركشي و
القزويني و العلوي و ابن قيم الجوزية و السبكي و التفتازاني و السيوطي و الاسفراييني
و المغربي[4].
و ذكر الحموي التسميات السابقة و أشار الى أنّ تسمية ابن المعتز هي «اعتراض كلام في كلام لم يتم معناه» و قال
إنّ اسمه التمام و إنّ الحاتمي سماه التتميم[5]، و سماه بعضهم الاستدراك و الرجوع[6]. و لكنه
حينما تحدث عنه عقد له فصلا باسم «الاعتراض» و قال: «هو عبارة عن جملة تعترض بين الكلامين
تفيد زيادة في معنى غرض المتكلم»[7]. و فرّق بينه و بين الحشو بقوله:
«و منهم من سماه الحشو و قالوا في المقبول منه «حشو اللوزينج» و ليس بصحيح. و الفرق بينهما ظاهر و هو أنّ الاعتراض يفيد
زيادة في غرض المتكلم و الناظم، و الحشو إنما يأتي لاقامة الوزن لا غير. و في
الاعتراض من المحاسن المكملة للمعاني المقصودة ما يتميز به على أنواع كثيرة».
و ذكر المدني له عدة مصطلحات
كالتمام و التتميم[8]، و لكنه عقد له فصلا باسم «الاعتراض»[9] كما فعل الحموي و غيره، و قال إنّه
«متى خلا عن نكتة سمي حشوا فلا يعد
حينئذ من البديع بل هو من المستهجن» و ذكر أنّ النكت فيه كثيرة منها التنزيه كما
في قوله تعالى:وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ- سُبْحانَهُ- وَ لَهُمْ ما
يَشْتَهُونَ[10].
و منها الدعاء كقول أبي المنهال
عوف بن محلم الخزاعي:
إنّ
الثمانين- و بلغتها-
قد
أحوجت سمعي الى ترجمان.
و منها التنبيه كقول الآخر:
و
اعلم- فعلم المرء ينفعه-
أن
سوف يأتي كلّ ما قدرا.
و منه تخصيص أحد المذكورين بزيادة
التأكيد في أمر علق بهما كقوله تعالى:وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ- حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ