فليس باشتقاق صحيح. بل أخذ «حمّ» من «الحمام» على جهة التفاؤل، و «البينونة» من «البان»، و «الاغتراب» من «الغرب»، و «التّصريد» و «الشّحط» من
«الصّرد» و «الشّوحط» و
«العقوبة» من «العقاب»، على جهة التطيّر. و إلّا فهذه المعاني ليست بموجودة في هذه الاشياء،
كما أنّ «الاغتراب» موجود في «غراب» و
«الجرد» في «جرادة».
و مما يبيّن لك أنّ العرب قد توقع
على الشيء لفظ غيره، إذا كان بينهما مناسبة، من طريق ما و إن لم يتحّد المعنى،
قول بعض الفصحاء[1]:
شهدت
بأنّ التّمر بالزّبد طيّب
و
أنّ الحبارى خالة الكروان
فجعل «الحبارى» خالة
«الكروان»، لمّا كان اللون، و عمود الصورة، فيهما واحدا.
و رأى ذلك قرابة، و إن كان الحبارى
أعظم بدنا من الكروان. و منه قول عمرو بن معديكرب[2].
و
كلّ أخ مفارقه أخوه
لعمر
أبيك، إلّا الفرقدان
فجعل الفرقدين أخوين، تشبيها لهما
بالأخوين، لتلازمهما. و منه قول أبي النجم:
فظلّ
يوفي الأكم ابن خالها
فجعل الوحشيّ ابن خال الأكم،
لملازمته لها. و قال عليه السّلام، «نعم العمّة لكم النّخلة». فجعلها عمّة للناس، حين كان بينها و بينهم
تشابه، من وجوه.
و إنّما بسطت في الاشتقاق، لغموضه،
و كثرة المنفعة به في علمه. لما فيه من