و قد تبدل أيضا منها في الوصل. و
الدليل على أنّ الياء هي الأصل قولهم في تحقير «ذا»: «ذيّا» و في تحقير «ذي»: «تيّا»، و «ذي» إنما هو تأنيث «ذا»، فكما لا تجد الهاء في المذكّر أصلا
فكذلك المؤنث.
و أبدلت أيضا من الياء في تصغير «هنة»:
«هنيهة». و الأصل «هنيوة»- لقولهم في الجمع «هنوات»- ثم
«هنيّة» لأجل الإدغام، ثم أبدلوا من الياء
الثانية هاء، فقالوا «هنيهة».
و أبدلت من الواو في «هناه»، و الأصل «هناو»، فأبدلت الواو هاء. و هو من لفظ «هن». و
لا تجعل الهاء التي بعد الألف أصلا، لأنّه لا يحفظ تركيب «هنه». و
أيضا فإنّه لو كان كذلك لكان من باب «سلس» و
«قلق»، و ذلك قليل. و ذهب أبو زيد إلى أنّ الهاء إنّما لحقت في الوقف، لخفاء
الألف، كما لحقت في الندبة في «زيداه»، ثم شبّهت بالهاء الأصليّة، فحرّكت. فيكون ذلك نظير قوله:
فيكون ذلك من باب إجراء الوصل مجرى
الوقف المختصّ بالضّرائر، و يكون على القول الأول، قد أبدلت فيه الواو هاء، و ذلك
أيضا شاذّ لا يحفظ له نظير.
و الوجه عندي أنّها زائدة للوقف،
لأنّ ذلك قد سمع له نظير في الشعر، كما ذكرت لك. و أيضا فإنّ ابن كيسان، رحمه
اللّه، قد حكى في «المختار»[2] له
أنّ العرب تقول:
«يا هناه» بفتح الهاء الواقعة بعد الألف، و كسرها و ضمّها. فمن كسرها
فلأنّها هاء السّكت، فهي في الأصل ساكنة، فالتقت مع الألف، فحرّكت بالكسر، على أصل
التقاء الساكنين، و من حرّكها بالفتح فإنه أتبع حركتها حركة ما قبلها. و من ضمّ
فإنه أجراها