مخرج العقول الهيولانية الإنسانية من القوة إلى الفعل، يجب أن يكون
عقلا بالفعل. فانها لا تخرج بذواتها إلى الفعل، و لا يخرجها ما هو مثلها فى القوة،
مبرهن مسلم.
فلم ينبغى أن يكون ذلك المخرج- الذي هو عقل بالفعل- واحدا بعينه، هو
العقل الفعال، المدبر لفلك القمر، فسمى واهب الصور، دون العقول التي هى مدبرات،
كسائر الأفلاك أو معها بالشركة؟
و لم لا تضاف الصور كلها إلى العقل الأول، الذي هو واسطة الكل، فيكون
هو الواهب الفعال، و لا تتكثر ذاته بتكثر الصور، كما لا تتكثر ذات العقل الأخير؟
بل و لم لا تضاف الصور كلها إلى واجب/ 38 ب الوجود الأول تعالى و
تقدس، فلا تتكثر ذاته بتكثر الصور؟! تبارك اللّه الواحد، القهار، العزيز، الجبار،
الكريم، الوهاب.
و إن طلبتم شيئا قريبا من السماويات، و جعلتم الفلك الأخير [و] مدبره
هو الأقرب، فيكون هو المفيض على المواد الصور، التي استعدت لها.
فلم اعتبرتم القرب المكانى فى الجواهر العقلية؟! و هلا قضيتم بأن
الجواهر العقلية فى البعد و القرب على السواء؟! و هلا اعتقدتم أن واجب الوجود أقرب
من كل قريب، فهو المخرج لما بالقوة إلى الفعل من العقول؟!