فيها و إذا تقررت هذه المقدمة فنقول لو جاز
الفناء لكان الفناء فيها حال الوجود بالقوة و إذا خرج الفعل وجب أن تكون النفس مع
فنائها موجودة فهذا خلف. إذا ثبت أنه لا يجوز عليها الفناء).
تقرير الدليل أنه إذا كان فى ذات شيء استعداد
خروج أمر من القوة إلى الفعل كاستعداد نشوء الإنسان من النطفة و نمو الثمرة من
الشجرة أو استعداد ظهور آثار الحواس الظاهرية و الباطنية من الدماغ فلا بد من بقاء
هذا الأمر أى المحل حال خروج ذلك الأمر من القوة إلى الفعل و من الاستعداد الصرف
إلى الوجود و هذا مما لا ريب فيه ببديهة من العقل إذ لو لم يكن مادة النطفة أو
الشجرة أو الدماغ باقية حين خروج ذلك الأمر من القوة و الاستعداد إلى الفعل. لم
يظهر الإنسان و الثمرة و آثار الحواس فى عالم الوجود و ما كان من أجزاء المحل أو
عوارضه تنعدم و تفنى عند خروج الأمر إلى الفعل يستكشف منه أن الشيء الخارج إلى
الفعل لم يكن فى ذلك الجزء و العارض كفناء صورة النطفة و مادة الثمرة الأصلية فى
نشوء الإنسان و نمو الثمرة بل امتنع جمع الصورتين فى مادة واحدة فعليه لو كانت
النفس الناطقة قابلة للفناء ليلزم بقائها حين خروج الفناء إلى الفعل، و الفناء و
البقاء ضدان لا يجتمعان فى محل واحد و فى آن واحد.