اسم الکتاب : الهيات المحاكمات المؤلف : الرازي، قطب الدين الجزء : 1 صفحة : 191
ثمّ أورد عليه نقوضا: و هي إنّ الدليل المذكور لو صحّ يلزم[1] أن لا يسلب عن الواحد إلّا شيء واحد. فإنّه لو سلب عنه شيئان كالشجر
و الحجر فمفهوم سلب الشجر عنه غير مفهوم سلب الحجر[2]. فإن كان[3] أحد
المفهومين مقوّما يلزم التركيب، و إن كانا عارضين كانا معلولين. فعلّيته لأحدهما
غير علّيته للآخر، و يعود الكلام فيتسلسل أو ينتهي إلى[4] التركيب.
و أن لا يتّصف الواحد إلّا بصفة واحدة، فإنّ المفهوم من اتّصافه
بالجلوس مثلا غير المفهوم من اتّصافه بالقيام إلى آخره.
و أن لا يقبل الشيء[5] الواحد
إلّا شيئا واحدا. فإنّ قبول أحدهما غير قبول الآخر.
و هذه النقوض[6] مندفعة
بالمعنيين المذكورين، لورودهما عليها لا[7] على أصل الدليل.
و تحرير جواب الشارح: إنّ السلب و الاتّصاف و القبول متعدّد لاختلاف
الحيثيات و الاعتبارات. فإنّ السلب يتوقّف على مسلوب و مسلوب عنه، فالسلب عن
الشيء بالقياس إلى مسلوب غيره بحسب مسلوب آخر. و كذا اتّصاف الشيء بوصف غير
اتّصافه بآخر، و قبول الشيء لقبول غير قبوله لآخر. و كما أنّ السلب عن الشيء و
اتّصافه و قبوله يتعدّد كذلك الشيء يتعدّد بحسب تلك الحيثيات، و صدور الأشياء
الكثيرة عن الأشياء الكثيرة ليس بمحال، فجاز أن يتعدّد السلب و الاتّصاف و القبول
بحسب تعدّد الشيء لتعدّد[8] الحيثيات.
و أمّا الصدور فلمّا لم يتوقّف إلّا على شيء واحد و هو ذات العلّة
لم يكن له[9] حيثيات متعدّدة، فتعدّده لا يكون إلّا للتركيب. فلهذا استلزم تعدّد
الصدور التركيب[10] و لم يستلزم تعدّد السلب و الاتّصاف و القبول التركيب.
و إنّما قلنا: «إنّ الصدور لا يتوقّف إلّا على أمر واحد» لأنّه[11] لو توقّف على أمرين يكون أحدهما ممكنا لاستحالة تعدّد الواجب، فيكون
له صدور يتوقّف على أمرين