لأنا نقول: هذا لا يقدح فى غرضنا لأن الّذي
ذكرته ليس الا بيان العلة التى لأجلها نرى الثلج أبيض مع أنه فى نفسه ليس بأبيض و
نحن ما سعينا الا لهذا القدر.
و أيضا فالزجاج المدقوق نراه أبيض مع أن كل واحد
من أجزائه شفاف خال عن اللون و لم يحدث فيما بينها كيفية مزاجية لأن تلك الأجزاء
صلبة يابسة لم يحصل فيما بينها فعل و انفعال.
و أيضا فانا نرى موضع الشق من الزجاج الثخين
الشفاف أبيض مع أنه ليس هناك الا الهواء المحتقن فى ذلك الشق و الهواء غير ملون و
الزجاج غير ملون، فعلمنا أنا قد نرى الشيء ملونا مع أنه فى نفسه غير ملون.
فثبت بهذه الوجوه أن حكم الحس قد يكون باطلا و
قد يكون حقا. و اذا كان كذلك لم يجز الاعتماد على مجرد حكمه اذ لا شهادة لمتهم بل
لا بد من حاكم آخر فوقه، ليميز خطأه عن صوابه. و على