اللّه تعالى أنزل القرآن ليكون حجة على الكافرين
لا ليكون حجة لهم. و لو كان المراد من هذه الآيات ما ذكرت من وقوع أفعال العباد
بقضاء اللّه تعالى، لقالت العرب للنبى عليه السلام كيف تأمرنا بالإيمان و قد طبع
اللّه على قلوبنا، و كيف تنهانا عن الكفر و قد خلقه اللّه تعالى فينا. و كان ذلك
من أقوى القوادح فى نبوته عليه السلام فلما لم يكن كذلك، علمنا أن المراد منها غير
ما ذكرت. و أما الكلام التفصيلى على كل واحد من الآيات ففى المطولات.
و عن الثانى أن العبد اما أن يكون مستبدا بادخال
شيء فى الوجود و اما أن لا يكون فهذا نفى و إثبات، و لا واسطة بينهما. فإن كان
الأول، فقد سلمتم قول المعتزلة. و ان كان الثانى كان العبد مضطرا لأن اللّه تعالى
إذا خلقه فى العبد حصل لا محالة. و إذا لم يخلقه استحال حصوله فيه فكان العبد
مضطرا، فتعود الاشكالات. و عند هذا التحقيق فيظهر أن الكسب اسم بلا مسمى.