أن يقول : لم لا يجوز أن يوجد الواجب تعالى بطريق الإيجاب جوهرا مجرّدا ليس بجسم ولا جسمانيّ ، قديما قادرا يكون هو الذي أوجد العالم الجسمانيّ بالقدرة والاختيار؟ » [١].
وأنا أقول : لمّا كان المصنّف من الملّيّين ، وإجماع الملّيّين على حدوث العالم ـ بمعنى جميع ما سوى الله ـ بالحدوث الواقعي المذكور يقتضي عدم الالتفات إلى احتمال الواسطة على الوجه المذكور ؛ لأنّها غير معقولة على هذا الفرض المقتضي للعلم بإخبار الصانع بأنّي أوجدت العالم على وجه الحدوث المذكور ، حكم بما ذكر.
وإلى ما ذكرنا أشار المحقّق الخفري حيث قال : « أقول : العمدة في إثبات حدوث العالم إجماع الملّيّين والحديث [٢] المشهور الذي لا دليل عقليّ يعارضه ، فليس للمتكلّمين التفات إلى هذا التجويز [٣] المخالف للإجماع والحديث ، ولهذا قال المصنّف : « والواسطة غير معقولة » أي لا دليل عقليّ عليه ، فتجويزها ـ مع أنّه مخالف للإجماع المذكور والحديث المشهور ـ غير ملتفت إليه.
وأيضا الدليل العقلي قائم بأنّ الممكن الذي لا وجود له باعتبار ذاته لا يوجد جوهرا ، وهذا ممّا يوافق كلام الحكماء.
قال بهمنيار في كتابه المسمّى بـ « التحصيل » : « وإن سألت الحقّ ، فلا يصحّ أن يكون علّة الوجود إلاّ ما هو بريء من كلّ الوجه من معنى ما بالقوّة ، وهذا هو صفة الأوّل تعالى لا غير ؛ إذ لو كان مفيد الوجود ما فيه معنى بالقوّة ـ سواء كان عقلا أو جسما ـ كان للعدم شركة في إفادة الوجود ، وكان لما بالقوّة شركة في إخراج الشيء من القوّة إلى الفعل » [٤] انتهى.
[١] « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠. [٢] هو قوله 7 : « كان الله ولم يكن معه شيء ». [٣] أي احتمال وجود جوهر مجرّد قديم قادر يكون واسطة. ( منه ; ). [٤] « التحصيل » : ٥٢١ ـ ٥٢٢.