responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البراهين القاطعة المؤلف : الأسترآبادي، محمد جعفر    الجزء : 2  صفحة : 395

والجواب أوّلا : أنّ الأشاعرة ومن يحذو حذوهم قائلون بالقياس في الأحكام الشرعيّة ، والقياس فرع العلّة الباعثة والغرض الداعي للشارع على حكم الأصل ، المقيس عليه ، وإلاّ فلا يتصوّر التعدّي من المنطوق إلى المسكوت عنه ، فلا يتحقّق قياس ، فيلزم إمّا إنكار القياس ، أو نفي هذا الأصل المقتضي لعدم جواز كون الأفعال معلّلة.

وثانيا : ما أشار إليه المصنّف بقوله : ( ولا يلزم عوده إليه تعالى ) بمعنى أنّ النقص والاستكمال إنّما يلزمان لو كان الغرض عائدا إليه تعالى. وأمّا إذا كان الغرض عائدا إلى غيره ـ وهو الخلق كما هو الحقّ ، ولهذا يقال : إنّه تعالى يخلق العالم لنفعهم [١] ـ فلا يكون مستكملا بذلك الفعل ، بل يكون مكمّلا ، ولكنّ المقصود الأصلي هو النفع الأخرويّ لا الدنيويّ ؛ لأنّه المشوب بالآلام ، أو دفع الآلام ، ولهذا لم يجعل لسيّد الأنام ، ولا لغيره من الأنبياء والأوصياء والأولياء العظام.

نعم ، يمكن أن يقال : إنّ المتبادر من الغرض ما كان عائدا إلى الفاعل ، فلا يكون الغرض العائد إلى المخلوق غرضا حقيقيّا ، فيكون عبارة عن المصالح والحكم التي هي عبارة عمّا يرجع إلى الغير فيكون حكيما ؛ لأنّ الحكيم من لا يفعل فعلا بلا حكمة ومصلحة ، ولا يصدر عنه العبث.

فإن قلت : نفع غيره إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه ، جاء الإلزام ، وإلاّ لم يصلح أن يكون غرضا ؛ لما مرّ من العلم الضروريّ بذلك.

قلت : إيصال النفع في مقام الفعل أولى من عدمه للمخلوق ، وتلك الأولويّة كافية في ترجيح الوجود على العدم ، مع أنّ الكمال يكون للفعل لا للذات ، فلا يلزم الاستكمال المحال ؛ ولهذا يحسّن فعل من فعل شيئا لنفع غيره من غير ملاحظة نفع


[١] نعم ما قيل بالفارسية :

من نكردم خلق تا سودى كنم

بلكه تا [ بر ] بندگان جودى كنم

( منه ; ).

راجع « مثنوي معنوى » : ٢٨١ ، الدفتر الثاني ، البيت ١٧٧٠.

اسم الکتاب : البراهين القاطعة المؤلف : الأسترآبادي، محمد جعفر    الجزء : 2  صفحة : 395
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست