responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البراهين القاطعة المؤلف : الأسترآبادي، محمد جعفر    الجزء : 2  صفحة : 11

بل يجوز أن يعذّبك ، فلا يحصل لك القطع بالنجاة إلاّ مع اعتقاد وجوده تعالى.

ومثل هذا لا يحصل به المعرفة ، وإنّما هو بيان طريق السلامة ؛ لأنّه طريق الاحتياط وفيه السلامة والنجاة ، وعلم طريقة السلوك العمليّ الذي هو روح السلوك العلميّ ، وذلك بمعرفة تهذيب الأخلاق ودوام الذكر وملازمة الأعمال والتجنّب عن الأخلاق الذميمة ، كالطمع والحرص والبخل والشحّ والسرف والتبذير والجبن والتهوّر. ومستنده القلب والعقل ، ومثاله قوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ) [١] وأمثال ذلك.

الثالث : دليل المجادلة بالتي هي أحسن ، وهو آلة لعلم الشريعة والسنّة القائمة ، وذلك كما إذا قلت : إن كان في الموجودات قديم ، خالق وليس بمخلوق ، ثبت الواجب تعالى ، وإلاّ فلا بدّ لها من صانع ؛ إذ يستحيل أن توجد نفسها ، أو توجد بغير موجد لها. ومثل هذا لا يحصل به المعرفة الحقّة وإنّما يقطع حجّة المخالف ، بخلاف دليل الحكمة ، كما إذا قلت : إنّ كلّ أثر يشابه صفة مؤثّره ، وأنّه قائم به ـ أي بفعله ـ قيام صدور ، كالكلام ؛ فإنّه قائم بالمتكلّم قيام صدور ، وكالأشعّة والصور في المرايا ، فالأشياء هي ظهور الواجب بها لها ؛ لأنّه تعالى لا يظهر بذاته ، وإلاّ لاختلفت حالتاه ، ولا يكون شيء أشدّ ظهورا وحضورا وبيانا من الظاهر في ظهوره ؛ لأنّ الظاهر أظهر من ظهوره وإن كان لا يمكن التوصّل إلى معرفته إلاّ بظهوره ، مثل القيام والقعود ؛ فإنّ القائم أظهر في القيام من القيام وإن كان لا يمكن التوصّل إليه إلاّ بالقيام ، فتقول : يا قائم ويا قاعد ، فأنت إنّما تعني القائم لا القيام ؛ لأنّه بظهوره لك غيب عنك مشاهدة القيام أصلا ، إلاّ أن تلتفت إلى نفس القيام فيحتجب عنك القائم بالقيام.

فبهذا الاستدلال الذي هو من دليل الحكمة يكون عند العارف أظهر من كلّ


[١] فصّلت (٤١) : ٥٢.

اسم الکتاب : البراهين القاطعة المؤلف : الأسترآبادي، محمد جعفر    الجزء : 2  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست