وقد يفسّر بأنّ ما سوى الله من الموجودات واقع بقدرته وإرادته ابتداء ، وهذا هو بعينه مذهب الأشاعرة. وظاهر أنّ ذلك ليس بمختار عند المصنّف ، فلا وجه لحمل كلام المصنّف على مذهب الأشاعرة.
والشارح القديم أيضا حمل [١] كلام المصنّف على الاستدلال المشهور بحمل العلّة على المصحّح لا الموجب ، ولذلك علّل كون علّة المقدوريّة هو الإمكان بأنّ الوجوب والامتناع يحيلان المقدوريّة. وكذا العلاّمة [٢] ـ ; ـ حيث علّل بأنّه مع الوجوب والامتناع لا تعلّق. وأمّا نحن ، فإنّا حملنا العلّة على الموجب ؛ لما ذكرنا من ضعف الدليل المذكور ، كيف؟ ومجرّد وجود المقتضي والمصحّح غير كاف بدون وجود الشرط وعدم المانع ، فيجوز اختصاص بعض الممكنات بشرط لتعلق القدرة ، أو بمانع عنه.
وأمّا الشارح القوشجي فهو أيضا حمل العلّة على الموجب [٣] كما حملناها عليه ، لكن لم يتفطّن بوجه الاستدلال ، فأورد عليه أنّا لا نسلّم أنّ الإمكان هو علّة المقدوريّة ، بل هو علّة الحاجة إلى المؤثّر ، والمؤثّر إمّا موجب أو قادر ، هذا.
واعلم : أنّ المنكرين لعموم قدرته تعالى في المقام الأوّل طوائف :
فمنهم الثنويّة القائلون [٤] بأنّ للعالم إلهين : نورا هو مبدأ الخيرات ، وظلمة هو مبدأ الشرور ، وكذا المجوس القائلون بأنّ مبدأ الخيرات هو « يزدان » ومبدأ الشرور هو
[١] لم نعثر على شرحه. [٢] « كشف المراد » : ٢٨٣. [٣] « شرح تجريد العقائد » : ٣١١. [٤] للتعرّف على أقوال الثنوية والمجوس وأجوبتها راجع « الملل والنحل » ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ؛ « نقد المحصّل » : ٣٠٠ ؛ « كشف المراد » : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ؛ « أنوار الملكوت » : ٩٠ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٦٢ ـ ٦٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ١٠٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٣١٢ ؛ « شرح المنظومة » : ١٥٣ ـ ١٥٥.