اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 63
وقد شهد بثبوت
العدل متواتر الأخبار ، وقامت عليه ضرورة مذهب الصفوة الأبرار.
ثُمّ أوّل
درجات اللطف العدل ، وبعدها مراتب الرحمة والفضل ، وعليه يُبنى العفو عن المذنبين
، والتجاوز عن الخاطئين والمقصّرين ، فلا ييأس المذنب من عفوه ؛ طمعاً في فضله ،
ولا يقطع على نجاة نفسه ، حذراً من أن يُعامله بعدله.
فقد وصف نفسه
بشدّة العقاب ، وفتح للتوبة أوسع باب ، وأَمرَ بكثرة الرجاء عصاة الناس ، ونهاهم
عن القنوط من رحمته والإياس ، وحذّرهم من سطواته ، ودلّهم على سبيل طاعاته ، وقوّى
أمل المسرفين ، وحقّق رجاء المقترفين ، بقوله تعالى (يا عِبادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)[١]. وقال تبارك وتعالى (إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)[٢].
ويكفي في معرفة
العدل ذلك المقدار ، ولا يجب على الناس إدراك ما يفهمه أهل الأفكار والأنظار ، من
معرفة مقادير جزاء الطاعات ، وما يستحقّه العصاة من العقاب على التبعات ، والله
وليّ التوفيق.