اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 232
بالدليل ندبه ، فما دلّ من عقل أو نقل على رجحان ما كان من العبادات يقتضي
اتصافه بالندب والاستحباب ، وما كان من صفة كمال أو آداب يدخله في قسم الكمالات والآداب.
ومن علم سيرة
العبيد مع الموالي وكلّ أمر مع مأموره ، وطريقة أهل التقوى والورع من أهل الشرع ،
لم يجد بدّاً من الميل إلى ما مِلنا إليه ، ولا التعويل إلا على ما عوّلنا عليه.
البحث
الرابع والخمسون
في أنّ
الاحتياط في الجواز والحرمة والطهارة والنجاسة ، لا يجري في الأُمور العامّة ؛ لترتّب
الحرج على الخطاب بها ، وإن كان ندبيّاً.
ويرشد إلى ذلك
في القسم الأوّل النظر إلى حال الحبوب من حنطة وشعير وذرّة وأرز ونحوها ، وإلى حال
الملبوس والمفروش من القطن والكتّان والحرير ، وحال الصوف والوَبَر والشعر ،
واللحوم ، والشحوم والأدهان من الحيوانات الأهليّة ؛ فإنّ إباحتها موقوفة على
سلامة سلسلة الأُصول من يوم ابتداء الخلق إلى زمان الانتفاع ، من دخول غصب أو
حرمان إرث ، أو تعلّق زكاة ، أو خمس ، ونحو ذلك. وفي الحيوانات بسلامة الأُمّهات
كذلك.
وممّا يرشد إلى
ذلك : استمرار سيرة الأجلاء والأولياء من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام وجميع علماء أهل الإسلام على استعمال الدراهم المسكوكة
بسكّة حكّام الجور من خاصّة أموالهم ، وعلى أخذ أموال الأعراب ، وركوب إبلهم
خصوصاً في طريق الحجاز ، والتصرّف في أدهانهم وألبانهم.
فمن يطلب
الحلال الواقعي بأخذ البذر من بلاد الكفّار الحربيّين ، وأراد حصول العلم فقد ضيّق
على نفسه ، وتعرّض للإتيان بما لم يسبق به من نبيّ ، أو وصيّ ، أو عالم ، أو ورع
تقي.
ثمّ إنّه قد
طلب محالاً ؛ لأنّه كيف يعلم أنّه في تضاعيف الطبقات من مبدأ خلق الأُصول لم يدخل
غصب من مال معصوم ، مع أنّ أموال المسلمين لم تزل نهباً في
اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 232