اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم الجزء : 0 صفحة : 19
الصفتين قوية، فضاهاه بالأسد فى الأولى، و بالسيف فى الثانية، و بيّن
هذه المضاهاة بأداة هى الكاف.
و فى البيت الثالث وجد الشاعر أخلاق صديقه دمثة لطيفة ترتاح لها
النفس، فعمل على أن يأتى لها بنظير تتجلّى فيه هذه الصّفة و تقوى، فرأى أن نسيم
الصباح كذلك فعقد المماثلة بينهما، و بيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
و فى البيت الرابع عمل الشاعر على أن يجد مثيلا للماء الصافى تقوى
فيه صفة الصفاء، فرأى أن الفضة الذائبة تتجلّى فيها هذه الصفة فماثل بينهما، و
بيّن هذه المماثلة بالحرف «كأن».
فأنت ترى فى كل بيت من الأبيات الأربعة أن شيئا جعل مثيل شىء فى صفة
مشتركة بينهما، و أن الذى دلّ على هذه المماثلة أداة هى الكاف أو كأن، و هذا ما
يسمّى بالتشبيه، و قد رأيت أن لا بدّ له من أركان أربعة: الشىء الذى يراد تشبيهه
و يسمى المشبه، و الشىء الذى يشبّه به و يسمى المشبه به، (و هذان يسميان طرفى
التشبيه)؛ و الصفة المشتركة بين الطرفين و تسمى وجه الشبه، و يجب أن تكون هذه
الصفة فى المشبّه به أقوى و أشهر منها فى المشبّه كما رأيت فى الأمثلة، ثم أداة
التشبيه و هى الكاف و كأن و نحوهما[1].
و لا بد فى كل تشبيه من وجود الطرفين، و قد يكون المشبه محذوفا للعلم
به و لكنه يقدّر فى الإعراب، و هذا التقدير بمثابة وجوده كما إذا سئلت «كيفعلى»؟ فقلت: «كالزهرةالذابلة» فإن «كالزهرة» خبر
لمبتدأ محذوف، و التقدير هو الزهرة الذابلة، و قد يحذف وجه الشبه، و قد تحذف
الأداة. كما سيبين لك فيما بعد.
[1]أداة التشبيه إما اسم، نحو شبه و مثل و مماثل و
ما رادفها، و إما فعل، يشبه و يماثل و يضارع و يحاكى و يشابه، و إما حرف، و هو
الكاف و كان.
اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم الجزء : 0 صفحة : 19