responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم    الجزء : 0  صفحة : 17

وافرين‌ [1] ما نأل رجلا منهم كلم‌ [2]، و لا أريق لهم دم، فلو أن رجلا مسلما مات من بعد هذا أسفا، ما كان به ملوما، بل كان عندى جديرا.

«فواعجبا من جدّ هؤلاء فى باطلهم، و فشلكم عن حقّكم. فقبحا لكم حين صرتم غرضا يرمى‌ [3]، يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون، و يعصى اللّه و ترضون‌ [4]».

فانظر كيف تدرج ابن أبى طالب فى إثارة شعور سامعيه حتى وصل إلى القمّة فانه أخبرهم بغزو الأنبار أولا، ثم بقتل عامله، و أنّ ذلك لم يكف سفيان بن عوف فأغمد سيوفه فى نحور كثير من رجالهم و أهليهم.

ثم توجه فى الفقرة الثانية إلى مكان الحميّة فيهم، و مثار العزيمة و النخوة من نفس كل عربى كريم، ألا و هو المرأة، فإن العرب تبذل أرواحها رخيصة فى الذود عنها، و الدفاع عن خدرها. فقال: إنهم استباحوا حماها، و انصرفوا آمنين.

و فى الفقرة الثالثة أظهر الدّهش و الحيرة من تمسك أعدائه بالباطل و مناصرته، و فشل قومه عن الحق و خذلانه. ثم بلغ الغيظ منه مبلغه فعيّرهم بالجبن و الخور.

هذا مثال من أمثلة الأسلوب الخطابى نكتفى به فى هذه العجالة، و نرجو أن نكون قد وفقنا إلى بيان أسرار البلاغة فى الكلام و أنواع أساليبه، حتى يكون الطالب خبيرا بأفانين القول، و مواطن استعمالها و شرائط تأديتها، و اللّه الموفق.


[1] وافرين: تامين على كثرتهم لم ينقص عددهم.

[2] الكلم بالفتح: الجرح.

[3] الغرض: ما ينصب ليرمى بالسهام و نحوها.

[4] يشير بالعصيان إلى ما كان يفعله جيش معاوية من السلب و النهب و القتل فى المسلمين و المعاهدين، أما رضا أهل العراق بهذا العصيان فكناية عن قعودهم عن المدافعة، إذ لو غضبوا لهموا إلى القتال.

اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم    الجزء : 0  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست