الأمثلة المتقدمة جميعها إنشائية، لأنها لا تحتمل صدقا و لا كذبا، و
إذا تدبرتها جميعها وجدتها قسمين؛ فأمثلة الطائفة الأولى يطلب بها حصول شىء لم
يكن حاصلا وقت الطلب، و لذلك يسمى الإنشاء فيها طلبيّا. أما أمثلة الطائفة الثانية
فلا يطلب بها شىء، و لذلك يسمى الإنشاء فيها غير طلبىّ.
تدبر الإنشاء الطلبى فى أمثلة الطائفة الأولى تجده تارة يكون بالأمر
كما فى المثال الأول، و تارة بالنهى كما فى المثال الثانى، و تارة بالاستفهام كما
فى المثال الثالث، و تارة بالتمنى كما فى المثال الرابع، و تارة بالنداء كما فى
المثال الخامس، و هذه هى أنواع الإنشاء الطلبى التى سنبحث عنها فى هذا الكتاب[2].
انظر إلى أمثلة الطائفة الثانية تجد وسائل الإنشاء فيها كثيرة، فقد
يكون بصيغ التعجب كما فى المثال السادس، أو بصيغ المدح و الذم كما فى المثال
السابع أو بالقسم كما فى المثال الثامن، أو بلعل و عسى و غيرهما من أدوات الرجاء
كما فى المثالين الأخيرين، و قد يكون بصيغ العقود كبعت و اشتريت.
و أنواع الإنشاء غير الطلبىّ ليست من مباحث علم المعانى، و لذلك
نقتصر فيها على ما ذكرنا و لا نطيل فيها البحث.
[1]لا يليق أن تمنع سائلا أتاك و له حاجة، فإنك إن
منعته فى يومك الذى هو لك فقد يكون له الغد فيجازيك على الحرمان بالحرمان.
[2]و يكون الإنشاء الطلبى أيضا بالعرض و التحضيض و
الجمل الدعائية، و لكنا اقتصرنا على الأنواع الخمسة لاختصاصها بكثير من اللطائف
البلاغية.
اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم الجزء : 0 صفحة : 169