responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم    الجزء : 0  صفحة : 122

و كأنّا لم يرض فينا بريب ال

 

دّهر حتى أعانه من أعانا [1]

كلما أنبت الرمان قناة

 

ركّب المرء فى القناة سنانا [2]

 

بلاغة المجاز المرسل و المجاز العقلىّ‌

إذا تأملت أنواع المجاز المرسل و العقلىّ رأيت أنها فى الغالب تؤدى المعنى المقصود بإيجاز، فإذا قلت: «هزم القائد الجيش» أو «قرّر المجلس كذا» كان ذلك أوجز من أن تقول: «هزم جنود القائد الجيش»، أو «قرر أهل المجلس كذا»، و لا شك أن الإيجاز ضرب من ضروب البلاغة.

و هناك مظهر آخر للبلاغة فى هذين المجازين هو المهارة فى تخير العلاقة بين المعنى الأصلى و المعنى المجازىّ، بحيث يكون المجاز مصوّرا للمعنى المقصود خير تصوير كما فى إطلاق العين على الجاسوس، و الأذن على سريع التأثر بالوشاية، و الخف و الحافر على الجمال و الخيل فى المجاز المرسل، و كما فى إسناد الشى‌ء إلى سببه أو مكانه أو زمانه فى المجاز العقلىّ فإن البلاغة توجب أن يختار السبب القوىّ و المكان و الزمان المختصان.

و إذا دققت النظر رأيت أن أغلب ضروب المجاز المرسل و العقلىّ لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر فى جعل المجاز رائعا خلّابا، فإطلاق الكل على الجزء مبالغة و مثله إطلاق الجزء و إرادة الكل، كما إذا قلت:

«فلان فم» تريد أنه شره يلتقم كلّ شى‌ء. أو «فلان أنف» عند ما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كلّه أنفا. و مما يؤثر عن بعض الأدباء فى وصف رجل أنافىّ‌ [3] قوله: «لست أدرى أ هو فى أنفه أم أنفه فيه».


[1] من: فاعل يرض أو أعانه على التنازع، يقول: كأن الذى يعين الدهر على نكاية أهله لم يرض بما تجر حوادث الدهر من البلاء، فزاد عليها بلاء العداوة و الشر.

[2] القناة: عود الرمح، و السنان: نصله.

[3] الأنافى: عظيم الأنف.

اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم    الجزء : 0  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست