responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 9

يخبر به و يخبر عنه و هو الاسم، نحو «اللّه ربّنا، و محمّد نبيّنا» و ما أشبه ذلك، فأخبرت بالاسم و عنه، و منها ما يخبر به و لا يخبر عنه، و هو الفعل، نحو «ذهب زيد، و انطلق عمرو» و ما أشبه ذلك، فأخبرت بالفعل، و لو أخبرت عنه فقلت «ذهب ضرب، و انطلق كتب» لم يكن كلاما؛ و منها ما لا يخبر به و لا يخبر عنه، و هو الحرف، نحو «من، و لن، و لم، و بل» و ما أشبه ذلك؛ فلما كان الاسم يخبر به و يخبر عنه، و الفعل يخبر به و لا يخبر عنه، و الحرف لا يخبر به و لا يخبر عنه، فقد سما [الاسم‌] على الفعل و الحرف: أي علا، فدلّ على أنه من السّموّ.

و الأصل فيه سمو على وزن فعل‌ [1]- بكسر الفاء و سكون العين- فحذفت اللام التي هي الواو و جعلت الهمزة عوضا عنها، و وزنه إفع؛ لحذف اللام منه.

و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم «إنما قلنا إنه مشتق من الوسم لأن الوسم في اللغة العلامة، و الاسم وسم على المسمّى و علامة عليه يعرف به» قلنا:

هذا و إن كان صحيحا من جهة المعنى إلا أنه فاسد من جهة اللفظ [3]، و هذه الصناعة لفظية، فلا بدّ فيها من مراعاة اللفظ. و وجه فساده من جهة اللفظ من خمسة أوجه:

الوجه الأول: أنّا أجمعنا على أن الهمزة في أوله همزة التعويض، و همزة التعويض إنما تقع تعويضا عن حذف اللام، لا عن حذف الفاء [2]، ألا ترى أنهم‌


[1] اعلم أولا أن العرب قد قالوا «اسم» بكسر همزة الوصل و بضمها أيضا، و قالوا «سم» بكسر السين و ضمها أيضا و جعل حركات الإعراب على الميم، و قالوا «سما» مقصورا على مثال هدى و تقى و ضحى، و ستأتي هذه اللغات مع الشواهد التي ساقها المؤلف، ثم اعلم أن النحاة قد اختلفوا في وزن «سمو» على مذهب البصريين؛ فمنهم من قال: أصله سمو- بكسر السين و سكون الميم- و نظيره من الصحيح حمل و جذع، و من المعتل قنو، فمن حذف الواو و لم يعوض من المحذوف شيئا أبقى السين على كسرتها التي كانت لها، و من حذف الواو و عوض من المحذوف همزة الوصل ألقى كسرة السين على الهمزة فصارت السين ساكنة، و منهم من قال: أصله سمو- بضم السين و سكون الميم- و نظيره من الصحيح قفل و قرط، و من المعتل عضو، فمن حذف الواو و لم يعوض أبقى ضمة السين على حالها، و من حذف الواو و عوض منها همزة الوصل ألقى ضمة السين على الهمزة، ثم اعلم أن جمع الاسم على «أسماء» لا يقوي أحد هذين الرأيين و لا يرشحه، و ذلك لأن أفعالا من أوزان الجموع يكون لفعل المكسور أوله الساكن ثانيه كما يكون لفعل المضموم أوله الساكن ثانيه الصحيح و المعتل في ذلك سواء، فأنت تقول: أحمال، و أجذاع، و أقناء، و أقفال، و أقراط، و أعضاء.

[2] اعلم أولا أن العرب قد حذفوا فاء الكلمة أحيانا، و حذفوا لام الكلمة أحيانا أخرى، و أن هذا الحذف قد يكون لعلة تصريفية، و قد يكون اعتباطا لا لعلة تصريفية اقتضته و لا لسبب أوجبه إلا مجرد التخفيف، و أنهم قد يحذفون و يعوضون من المحذوف شيئا، و قد يحذفون و لا يعوضون من المحذوف شيئا أصلا، فأما المحذوف لعلة تصريفية فلا نريد أن نتعرض له لأنه مبين في كتب التصريف بعلله و أسبابه التي اقتضته، و أما الحذف لغير علة تصريفية استوجبته فهو موضوع حديثنا-

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست