responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 51

 

لمحقوقة أن تستجيبي دعاءه‌

 

و أن تعلمي أنّ المعان موفّق‌

 

فترك إبراز الضمير، و لو أبرزه لقال «محقوقة أنت» و قال الآخر:

[21]

يرى أرباقهم متقلّديها

 

كما صدى‌ء الحديد على الكماة

 

فترك إبرازه، و لو أبرزه لقال «متقلديها هم» فلما أضمره و لم يبرزه دلّ على جوازه، و لأن الإضمار في اسم الفاعل إنما جاز إذا جرى على من هو له لشبه الفعل، و هو مشابه له إذا جرى على غير من هو له، كما إذا جرى على من هو له؛ فكما جاز الإضمار فيه إذا جرى على من هو له فكذلك يجوز إذا جرى على غير من هو له.

و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجب إبرازه فيه إذا جرى على غير من هو له أنا أجمعنا على أن اسم الفاعل فرع على الفعل في تحمل الضمير؛ إذ كانت الأسماء لا أصل لها في تحمل الضمير، و إنما يضمر فيما شابه منها الفعل كاسم الفاعل نحو «ضارب، و قاتل» و الصفة المشبهة به نحو «حسن، و شديد» و ما أشبه ذلك؛ فإذا ثبت أن اسم الفاعل فرع على الفعل فلا شك أن المشبه بالشي‌ء يكون أضعف منه في ذلك الشي‌ء، فلو قلنا إنه يتحمل الضمير في كل حالة- إذا جرى على من هو له، و إذا جرى على غير من هو له- لأدّى ذلك إلى التسوية بين الأصل و الفرع، و ذلك لا يجوز؛ لأن الفروع أبدا تنحطّ عن درجة الأصول، فقلنا: إنه إذا جرى على غير من هو له يجب إبراز الضمير؛ ليقع الفرق بين الأصل و الفرع.

و منهم من تمسك بأن قال: إنما قلنا يجب إبراز الضمير فيه إذا جرى على غير من هو له لأنا لو لم نبرزه لأدى ذلك إلى الالتباس، ألا ترى أنك لو قلت «زيد أخوه ضارب» و جعلت الفعل لزيد و لم تبرز الضمير لأدى ذلك إلى أن يسبق إلى فهم السامع أن الفعل للأخ دون زيد، و يلتبس عليه ذلك؟ و لو أبرزت الضمير لزال هذا الالتباس؛ [21] لم أقف لهذا الشاهد على نسبة و لا تكملة، و لا وجدت من أنشده غير المؤلف. و الأرباق:

جمع ربق- بكسر الراء و قد تفتح، و الباء ساكنة- و أصله الحبل و الحلقة التي تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع، و متقلديها: أي جاعليها في أعناقهم في موضع القلادة، و الكماة: جمع كمي، و هو الشجاع المتكمي، أي المستتر الذي غطى وجهه، و كانوا يفعلون ذلك إذا كان عليهم ثارات، مخافة أن يتلمس أحد أعدائهم غفلتهم فيفتك بهم، و الاستشهاد في البيت بقوله «متقلديها» فإن هذه الكلمة قد وقعت في هذا البيت مفعولا ثانيا لترى، و أنت خبير أن أصل المفعول الثاني لأرى خبر مبتدأ، و أن المفعول الأول هو مبتدأ ذلك الخبر، و أنت ترى أن الخبر جار على غير مبتدئه، لأن «متقلديها» وصف للابسي ما عبر عنه بالأرباق، لا للأرباق نفسها، و مع ذلك لم يبرز معه الضمير، و لو أبرزه لقال «متقلديها هم» فدل ذلك على أن إبراز الضمير إذا جرى الوصف على غير من هو له ليس واجبا لا معدى عنه.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست