اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 49
الأسماء ما كان مشابها له و متضمنا معناه كاسم
الفاعل و الصفة المشبهة به نحو «ضارب، و قاتل، و حسن، و كريم» و ما أشبه ذلك، و ما
وقع الخلاف فيه ليس بينه و بين الفعل مشابهة بحال، ألا ترى أنك إذا قلت «زيد أخوك»
كان أخوك دليلا على الشخص الذي دل عليه زيد، و ليس فيه دلالة على الفعل، فكذلك إذا
قلت «عمرو غلامك» كان غلامك دليلا على الشخص الذي دلّ عليه عمرو، و ليس فيه دلالة
على الفعل؛ فوجب أن لا يجوز الإضمار فيه [31]، كما لا يجوز في زيد و عمرو.
و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم «إنما
قلنا إنه يتضمن الضمير و إن كان اسما محضا لأنه في معنى ما يتضمن الضمير لأن أخوك
في معنى قريبك، و غلامك في معنى خادمك» قلنا: هذا فاسد؛ لأنه إنما جاز أن يكون
قريبك و خادمك متحملا للضمير لأنه يشابه الفعل لفظا و يتضمنه معنى، و هو الأصل في
تحمل الضمائر، و لا شبهة في مشابهة اسم الفاعل و الصفة المشبهة به للفعل، ألا ترى
أن «خادم» على وزن «يخدم» في حركته و سكونه و أن فيه حروف خدم الذي هو الفعل، و
كذلك «قريب» فيه حروف قرب الذي هو الفعل؛ فجاز أن يتضمن الضمير، فأما أخوك و غلامك
فلا شبهة في أنه لا مشابهة بينه و بين الفعل بحال، فينبغي أن لا يتحمل الضمير، و
كونه في معنى ما يشبه الفعل لا يوجب شبها بالفعل، أ لا ترى أن حروف «أخوك، و
غلامك» عارية من حروف الفعل الذي هو قرب و خدم؛ فينبغي أن لا يتحمل الضمير، ألا
ترى أن المصدر إنما عمل عمل الفعل نحو «ضربي زيدا حسن» لتضمنه حروفه، فلو أقمت
ضمير المصدر مقامه فقلت «ضربي زيدا حسن و هو عمرا قبيح» لم يجز و إن كان ضمير
المصدر في معناه[1]؛ لأن المصدر إنما عمل الفعل لتضمنه حروفه، و ليس في ضمير
المصدر لفظ الفعل؛ فلا يجوز أن يعمل عمله، فكذلك هاهنا: إنما جاز أن يتحمل نحو
«قريبك، و خادمك» الضمير لمشابهته للفعل و تضمنه لفظه، و لم يجز ذلك في نحو «أخوك»
و «غلامك» لأنه لم يشابه الفعل و لم يتضمن لفظه، و اللّه أعلم.
[1] هذه مسألة خلافية بين الفريقين، و ما كان
ينبغي أن يحتج عليهم بما هو مذهبه دون مذهبهم.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 49