اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 45
على الهمزة كقوله تعالى: أَ فِي اللَّهِ
شَكٌ [إبراهيم: 10]، و حرف النفي كقولك:
«ما في الدار أحد»، و أنّ كقوله تعالى: وَ مِنْ
آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ [فصلت: 39] فأنّ و ما عملت فيه في موضع رفع
بالظرف، و إذا عمل الظرف في هذه المواضع كلها فكذلك فيما وقع الخلاف فيه.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إن الاسم بعده يرتفع بالابتداء لأنه قد تعرّى من العوامل اللفظية، و هو معنى
الابتداء، فلو قدّر هاهنا عامل لم يكن إلا الظرف، و هو لا يصلح هاهنا أن يكون
عاملا لوجهين:
أحدهما: أن الأصل في الظرف أن لا [28] يعمل، و
إنما يعمل لقيامه مقام الفعل، و لو كان هاهنا عاملا لقيامه مقام الفعل لما جاز أن
تدخل عليه العوامل فتقول «إن أمامك زيدا، و ظننت خلفك عمرا»، و ما أشبه ذلك؛ لأن
عاملا لا يدخل على عامل؛ فلو كان الظرف رافعا لزيد لما جاز ذلك، و لما كان العامل
يتعداه إلى الاسم و يبطل عمله، كما لا يجوز أن تقول «إنّ يقوم عمرا، و ظننت ينطلق
بكرا» فلما تعداه العامل إلى الاسم كما قال تعالى: إِنَّ لَدَيْنا
أَنْكالًا وَ جَحِيماً [المزمل:
12] و لم يرو عن أحد من القراء أنه كان يذهب
إلى خلاف النصب دل على ما قلناه.
و الثاني: أنه لو كان عاملا لوجب أن يرفع به
الاسم في قولك «بك زيد مأخوذ» و بالإجماع أنه لا يجوز ذلك.
اعترضوا على هذين الوجهين من وجهين:
أما الوجه الأول فاعترضوا عليه بأن قالوا:
قولكم «إن العامل يتعدّاه إلى الاسم بعده» ليس بصحيح؛ لأن المحل عندنا اجتمع فيه
نصبان: نصب المحل في نفسه، و نصب العامل، ففاض أحدهما إلى «زيد» فنصبه.
و أما الوجه الثاني فاعترضوا عليه بأن قالوا:
قولكم «إنه لو كان عاملا لوجب أن يرفع الاسم في قولك: بك زيد مأخوذ» ليس بصحيح، و
ذلك لأن «بك» مع الإضافة إلى الاسم لا يفيد، بخلاف قولنا «في الدار زيد» إذا أضيف
إليه الاسم فإنه يفيد و يكون كلاما.
و ما اعترضوا به على الوجهين باطل:
أما اعتراضهم على الوجه الأول: قولهم «إنه
اجتمع في المحل نصبان:
نصب المحل في نفسه، و نصب العامل» قلنا: هذا
باطل من وجهين:
أحدهما: أن هذا يؤدي إلى أنه يجوز أن يكون
الاسم منصوبا من وجهين،
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 45