اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 298
51 مسألة [القول في ندبة النكرة و الأسماء
الموصولة؟][1]
ذهب الكوفيّون إلى أنه يجوز ندبة النكرة و
الأسماء الموصولة، و ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ذلك.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه يجوز ندبة النكرة و الأسماء الموصولة، و ذلك لأن الاسم النكرة يقرب من المعرفة
بالإشارة نحو «و اراكباه» فجازت ندبته كالمعرفة، و الأسماء الموصولة معارف بصلاتها
كما أن الأسماء الأعلام معارف، و كما يجوز ندبة الأسماء الأعلام نحو زيد و عمرو
فكذلك يجوز ندبة ما يشبهها و يقرب منها، و الدليل على صحة هذا التعليل ما حكي عنهم
من قولهم «و امن حفر بئر زمزماه» و ما أشبه ذلك.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه لا يجوز ذلك لأن الاسم النكرة مبهم لا يخصّ واحدا بعينه، و المقصود بالندبة أن
يظهر النادب عذره في تفجّعه على المندوب ليساعد في تفجعه فيحصل التأسّي بذلك فيخف
ما به من المصيبة، و ذلك إنما يحصل بندبة المعرفة، لا بندبة النكرة، و إذا كان
ندبة النكرة ليس فيها فائدة وجب أن تكون غير جائزة، و أما الأسماء الموصولة فإنها
أيضا مبهمة، فأشبهت النكرة؛ فوجب أن لا تجوز ندبتها كالنكرة.
و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم
«إن الإشارة قد قرّبت الاسم النكرة من المعرفة فجازت ندبته كالمعرفة» قلنا: إلا
أنه باق على إبهامه، و المندوب يجب [160] أن يندب بأعرف أسمائه، و أما الأسماء
الموصولة و إن كانت قد تخصصت بالصلة فإنها لا تخلو عن إبهام؛ لأن تخصيصها إنما
يحصل بالجمل، و الجمل في الأصل نكرات.
[1] انظر في هذه المسألة: تصريح الشيخ خالد
الأزهري (2/ 239) و شرح الأشموني بحاشية الصبان (3/ 144) و شرح ابن يعيش على
المفصل (ص 187) و شرح الرضي على الكافية (1/ 144 و ما بعدها).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 298