اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 280
و قال الآخر:
[215]
و ما عليك أن
تقولي كلّما
صلّيت أو
سبّحت: يا اللّهمّ ما
* أردد علينا شيخنا مسلّما*
و قال الآخر:
[216]
* غفرت أو
عذّبت يا اللّهمّا*
- و تجعل همزته همزة وصل، و قد سبق ذكر هذين
الوجهين في شرح الشاهد السابق (رقم 213) و الوجه الثالث: أن تقول: اللهم، تحذف حرف
النداء و تأتي في آخر الاسم الكريم بميم مشددة، و قد اختلف النحاة في هذه الميم
المشددة؛ فقال البصريون و أنصارهم: هي عوض عن حرف النداء، و قال قوم- منهم الفراء-
هذه الميم المشددة بقية كلمة، و أصل العبارة: يا اللّه أمنا بخير، و قد أنكر ذلك
الزجاج، و شنع على القائل به، فمن ذهب إلى أن الميم المشددة عوض عن حرف النداء
قال: لا يجمع بين حرف النداء و الميم المشددة في الكلام، فإن ورد ذلك في شعر فهو
شاذ لا يقاس عليه، لأنه لا يجمع بين العوض و المعوض عنه، و من هؤلاء شيخ المحققين
ابن مالك الذي يقول في الخلاصة (الألفية):
و الأكثر
اللهم، بالتعويض
و شذ يا
اللهم في قريض
و من ذهب مذهب الفراء لم ينكر الجمع بين الميم
المشددة و حرف النداء، و الوجه الرابع:
أن تقول: لا هم، فتحذف حرف النداء و أل من أول
الاسم الكريم، و تجيء بالميم المشددة في آخره، و منه قول الراجز:
لا هم إن كنت
قبلت حجتج
فلا يزال
شاحج يأتيك بج
يريد: إن كنت قبلت حجتي و يأتيك بي، فأبدل
الياء جيما، و أكثر هذه الوجوه هو الوجه الثالث، و هو الذي ورد استعماله في القرآن
الكريم، نحو قوله سبحانه: قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ
الْأَرْضِ.
[215] هذه ثلاثة أبيات من الرجز المشطور، و
قد أنشدها ابن منظور في اللسان (أل ه) و رضي الدين في شرح الكافية (1/ 132) و
شرحها البغدادي في الخزانة (1/ 359) و «ما» في قوله (و ما عليك) استفهامية تقع
مبتدأ خبره الجار و المجرور، و المعنى: أي شيء عليك؟
و سبحت: أي نزهت ربك و عظمته و قدسته. أو قلت:
سبحان اللّه. و صليت: دعوت، و شيخنا: أراد أبانا، و نظير ذلك قول الأعشى ميمون بن
قيس:
تقول بنتي و
قد قربت مرتحلا
يا رب جنب
أبي الأوصاب و الوجعا
عليك مثل الذي
صليت؛ فاغتمضي
نوما، فإن
لجنب المرء مضطجعا
و محل الاستشهاد قوله «يا اللهم ما» حيث جمع
بين حرف النداء و الميم المشددة، و لم يكتف بذلك، بل زاد ميما مفردة بعد الميم
المشددة، و قد بيّنا أقوال العلماء في الجمع بين حرف النداء و الميم في شرح الشاهد
السابق (214).
[216] هذا بيت من مشطور الرجز، و لم أقف له
على سوابق أو لواحق، و الاستشهاد به في قوله «يا اللهم» حيث جمع بين حرف النداء و
الميم المشددة في آخر لفظ الجلالة، و الكلام فيه على نحو ما ذكرناه في شرح الشواهد
السابقة.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 280