responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 234

و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه يجوز بناؤها إذا أضيفت إلى غير متمكن، و لا يجوز بناؤها إذا أضيفت إلى متمكن، و ذلك لأن الإضافة إلى غير- «الشاهد فيه بناء غير على الفتح لإضافتها إلى غير متمكن، و إن كانت في موضع رفع، و ذلك أن «أن» حرف يوصل بالفعل، و إنما تؤولت اسما مع ما بعدها من صلتها لأنها دلت على المصدر و نابت منابه في المعنى، فلما أضيفت غير إليها مع لزومها للإضافة بنيت معها، و إعرابها على الأصل جائز حسن، و نظير بنائها بناء أسماء الزمان إذا أضيفت إلى الجمل و الأفعال، كقولك: عجبت من يوم قام زيد و من يوم زيد قائم؛ لأن حق الإضافة أن تقع على الأسماء المفردة دون الأفعال و الجمل، فلما خرجت عن أصلها بني الاسم» اه و قال سيبويه: «و الحجة على أن هذا في موضع رفع أن أبا الخطاب حدثنا أنه سمع من العرب الموثوق بهم من ينشد هذا البيت رفعا:

* لم يمنع الشرب منها ... البيت*

 

و زعموا أن ناسا من العرب ينصبون هذا الذي في موضع الرفع، فقال الخليل: هذا كنصب بعضهم يومئذ في كل موضع، فكذلك غير أن نطقت، و كما قال النابغة:

على حين عاتبت المشيب على الصبا

فقلت: ألما تصح و الشيب وازع؟

 

كأنه جعل حين و عاتبت اسما واحدا» اه.

و قد جعل الأعلم إضافة غير في هذا البيت إلى غير متمكن- أي إلى مبنيّ- بسبب وجود «أن» المصدرية في صدر المضاف إليه، مع علمه أن أن المصدرية حرف، و أن الحرف لا يقع في موقع من مواقع الإعراب أصلا؛ فلا يكون مضافا إليه، بل مع علمه أن هذا الحرف المصدري مع مدخوله في تأويل اسم مفرد معرب- و هو المصدر المسبوك من أن مدخولها- و أنت لو تأملت في هذا البيت وجدت البصريين و الكوفيين متفقين على جواز بناء غير في هذا البيت و أمثاله، و لكن الاختلاف بينهم في تعليل هذا البناء، فالكوفيون يعللونه- على ما قال المؤلف عنهم- بأنها قامت مقام إلا الاستثنائية، و البصريون قد عللوه بأنها أضيفت إلى مبنيّ فاكتسبت البناء من المضاف إليه، و ذلك كما يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير أو التأنيث، و قد فصل ابن هشام في مغني اللبيب (ص 510 ما بعدها) الأمور التي يكتسبها المضاف من المضاف إليه، فارجع إليها إن شئت.

و من شواهد بناء غير لكونها أضيفت إلى مبني- على ما يقول البصريون- قول الشاعر و أنشده ابن هشام في المغني:

لذ بقيس حين يأبى غيره‌

تلقه بحرا مفيضا خيره‌

 

الرواية في هذا البيت بفتح «غيره» بدليل الرويّ، و نظير ما أنشده المؤلف في بناء غير لكونها أضيفت إلى جملة مصدرة بأن قول الحارث بن حلزة اليشكري من قصيدته التي تعد في المعلقات، و هو من شواهد الرضي:

غير أني قد أستعين على اله

م إذا خف بالثوى النجاء

 

فغير ههنا استثناء منقطع، و هي مفتوحة، و يجوز أن تكون فتحتها فتحة إعراب، و يجوز أن تكون فتحة بناء، و في هذا القدر كفاية و مقنع إن شاء اللّه.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست