اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 197
[108] 29 مسألة [القول في عامل النّصب في
الظرف الواقع خبرا][1]
ذهب الكوفيون إلى أن الظرف ينتصب على الخلاف
إذا وقع خبرا للمبتدأ، نحو «زيد أمامك، و عمرو وراءك» و ما أشبه ذلك. و ذهب أبو
العباس أحمد بن يحيى ثعلب من الكوفيين إلى أنه ينتصب لأن الأصل في قولك: «أمامك
زيد» حلّ أمامك، فحذف الفعل و هو غير مطلوب و اكتفى بالظرف منه فبقي منصوبا على ما
كان عليه مع الفعل. و ذهب البصريون إلى أنه ينتصب بفعل مقدر، و التقدير فيه:
زيد استقرّ أمامك، و عمرو استقر وراءك. و ذهب
بعضهم إلى أنه ينتصب بتقدير اسم فاعل، و التقدير: زيد مستقر أمامك، و عمرو مستقر
وراءك.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه ينتصب بالخلاف و ذلك لأن خبر المبتدأ في المعنى هو المبتدأ، ألا ترى أنك إذا
قلت «زيد قائم، و عمرو منطلق» كان قائم في المعنى هو زيد، و منطلق في المعنى هو
عمرو، فإذا قلت «زيد أمامك، و عمرو وراءك» لم يكن أمامك في المعنى هو زيد، و لا
وراءك في المعنى هو عمرو، كما كان قائم في المعنى هو زيد و منطلق في المعنى هو
عمرو، فلما كان مخالفا له نصب على الخلاف ليفرقوا بينهما.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه ينتصب بعامل مقدر و ذلك لأن الأصل في قولك «زيد أمامك، و عمرو وراءك»: في
أمامك، و في وراءك؛ لأن الظرف: كل اسم من أسماء الأمكنة أو الأزمنة يراد فيه معنى
«في» و في: حرف جرّ، و حروف الجر لا بد لها من شيء تتعلق به؛ لأنها دخلت رابطة
تربط الأسماء بالأفعال، كقولك «عجبت من زيد، و نظرت إلى عمرو» و لو قلت «من زيد»
أو «إلى عمرو» لم يجز حتى تقدر لحرف الجر شيئا يتعلق به؛ فدلّ على أن التقدير في
[1] انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني (1/
265 بتحقيقنا) و حاشية الصبان (1/ 193 بولاق) و تصريح الشيخ خالد الأزهري (1/ 198
و ما بعدها) و شرح المفصل (ص 110) و شرح رضي الدين على الكافية (1/ 83).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 197